المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجتمعنا و"مافيا" شهادات الوهم



جبل الهدا
12-22-2013, 07:08 AM
مجتمعنا و"مافيا" شهادات الوهم





علي المطوع-
صحيفة الوطن

في مجتمعاتنا الخليجية التي تنعم برخاء كبير واستقرار أكبر، نشأت ظاهرة غريبة غدت تعرف بـ"دكترة المجتمع"، وهي ظاهرة تبناها المجتمع من خلال مجالسه ودواوينه، لتصبح هذه الظاهرة من متلازمات الحضور وضرورات البروز الاجتماعي والإعلامي. ولم تسلم من هذه الظاهرة المؤسسات الحكومية والخاصة، فراح الكثير من أفرادها ينعمون على أنفسهم بلقب دكتور، ليمسي الموظف أستاذا ويصبح دكتورا مع مرتبة الشرف، في تطور علمي ومعرفي يخالف النواميس الكونية والمعرفية.
إن هذه الظاهرة تعكس تهافت المجتمعات، ومنها مجتمعنا، على الشكلية وصورها النمطية المظهرية الخداعة. لقد كان التباهي في مراحل سابقة يكون في المركب والمسكن والملبس، أما في وقتنا الحالي فقد تجاوزنا ذلك بكثير، وصار التباهي الأكاديمي بعدا آخر من أبعاد المباهاة التي يرنو إليها الفرد. لقد نشطت "مافيا" الشهادات المزورة في مجتمعنا، وراح مروجوها يجوبون مؤسساتنا الحكومية والخاصة، مروجين لبضائع مزجاة في قيمها المعرفية والفكرية، مدموغة بأختام مؤسسات غير معروفة، وليس لها وجود على خارطة التعليم الأكاديمي، ومع ذلك وجدت هذه الشهادات رواجا بين أفراد المجتمع، وأصبح الكثير منهم يتسلح بهذا العبث الأكاديمي ويجعله مسوغا ومهرا للقب صاحب السعادة الدكتور "فلان بن علان". والأدهى من ذلك عندما تشاهد إعلان تهنئة في صحيفة يومية، يبارك هذا الإنجاز العلمي. والمفارقة أن هذا الإعلان يشير دون خجل إلى اسم الجهة المانحة لهذه الشهادة، تتوسط ذلك صورة المحتفى به الممنوح لهذه الدرجة العلمية، و"المملوح" في حضوره الدعائي من خلال تلك الصورة التي تظهره وهو ينظر إلى الأفق البعيد نظرة صقر جارح يستعد لمغامرة قنص جديدة، لكن الفارق يكمن في الطريدتين، فطريدة الصقر وغنْمه يكون ثمينا يشاركه صقاره أكله، أما طريدة صاحبنا فهي قطعة كرتونية مزيفة يكون مآلها "مشب" البيت، كونه مكان تجمع الخلص من الأصدقاء القدامى الذين ما عرفوا دروب هذه الشهادات ولا كنهها.
وفي بيئاتهم الوظيفية يتم تسريب الخبر عن طريق أحد الحواريين، ممن لهم أسبقية شرف الصحبة وديمومة الثقة، فيعلن نبأ حصول هذا المدير على شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف، فيتهافت الجميع أفواجا مهنئين ومباركين، وصاحبنا يسألهم وقد رسم على وجهه شيئا من علامات الاستغراب ممزوجا بالفرح قائلا: "مبروك على إيش؟".. فيقولون: شهادة الدكتوراه.. يا مدير، وهنا يتواضع لهم ويلين في كلامه ويشكرهم شكرا جزيلا ويحثهم على التزود بالعلم والمعرفة.
إن ما سقته آنفا يظل واقعا معاشا نراه ونشاهده، وهذا لا يلغي تميز الكثيرين وإبداعهم وحصولهم على أعلى الدرجات العلمية والمعرفية، لكن ما ذنب هولاء المتعلمين حقيقة، عندما يساوي المجتمع بينهم وبين أولئك المزورين؟ أليس هذا عيبا في المجتمع وأفراده؟

نديم المحبة
12-22-2013, 08:45 PM
يعطيك العافيــة