إن الطريقة الطبيعية التي يمارسها معظم الناس للجوء إلى إقناع الآخرين بارآئهم وأفكارهم هي النقاش والجدال ومحاولة الحط من قيمة معارضيهم. والنتيجة تكون غير طيبة على الإطلاق سواء اقتنعوا أم لم يقتنعوا. ومن الأخطاء التي يرتكبها الكثيرون أنهم ينظرون إلى من يعارض أفكارهم وارآئهم على انه المعارض الذي يجب التغلب عليه بطريقة أو بأخرى, ولكن الحقيقة غير ذلك؛ فإن ما يجب أن نبتغيه ونحصل عليه هو إقناعهم ودفعهم إلى أن يغيروا ارآئهم أو أفكارهم وليس هزيمتهم, أو تحطيمهم نفسيا على الإطلاق. فنحن نريد أن نكسبهم لصفنا لا أن نضعهم ضدنا,ونلغي الفكرة عند غالبيتهم بأن مسألة معارضة الناس لأفكارهم هي بمثابة تهديد وصفعة موجهة للذات وعليه يقومون بالرد بطريقتهم التي تملكها الانفعال والروح العدائية في بعض الأحيان.
ويلعب الإقناع دوراً رئيسياً وحيوياً في حياة أي فرد ، فالوالد في بيته يريد أن يقنع الأسرة بوجهة نظره، والمسؤول في موقعه أياً كان يريد أن يقنع المرؤوسين ، والتاجر يحاول إقناع الزبائن ، والتربوي يسعى لإقناع طلابه, والإعلامي يريد إقناع المُتلقي, والسياسي يريد إقناع الجمهور بجدوى سياسته وأهمية برامجه، ورجل العلاقات العامة يسعى لتسويق المنتجات والخدمات لدى الجمهور المستهدف ، ولذا فإن للإقناع دوراً رئيساً في الحياة التي تعتبر ميدانا للاتصال؛الذي يعد عملية إنسانية وحياتية ذات جانب اجتماعي ونفسي,لا تستقيم الحياة الاجتماعية وتكتمل إلاّ بها ، ويأتي الإقناع ليضطلع بالدور الرئيس والمهم في الاتصال.
وانطلاقا مما سبق فان فن التأثير والإقناع هو الذي يمكننا من التواصل والتحاور مع الآخرين, واستخدام وسائل التأثير المناسبة في قراراتهم وقناعاتهم, وهذا ما يعزز الثقة بالنفس ويحقق المزيد من النجاح, ويجنبنا الوقوع في الخلافات وسوء الفهم, ويكسبنا القدرة على تغيير الآراء والأفكار وتصحيح مساراتها بكل يسر وسهولة.