الذكاء العاطفي Emotional intelligence

موضوع الذكاء العاطفي من الموضوعات الشيقة جدا في التعرف عليها ودراساتها لأنه بيتعلق بالتعرف على أنفسنا وعلى تحليل علاقتنا بالأخرين وادارة مشاعرنا وانفعالاتنا من أجل اقامة علاقة أفضل مع الأخرين ولأن الإنسان يتعامل يوميا مع شخصيات ذات خصائص مختلفة في البيت وفي العمل وفي علاقاته بشكل عام كل هذا بيحتم عليه ان يدير مشاعره وسلوكه بشكل سليم ويترجم ذلك الى تصرفات مع الأخرين كذلك فإن نجاح الإنسان في حياته لا يتوقف فقط على ذكائه العقلي و شهاداته ومهاراته العملية فقط ولكن أيضا على مدى ذكائه العاطفي ومهاراته في ادارة العلاقات مع الناس.
أولا : مفاهيم الذكاء العاطفي .
بداية الذكاء العاطفي ليس مفهوما جديدا تماما فإن له جذور في مفهوم " الذكاء الاجتماعي " الذي حدده لأول مرة الباحث " ثورندايك" في عام 1920 م . والذكاء الاجتماعي هو في الاساس القدرة على فهم الآخرين " مالذي يحفزهم وكيف يعملون وكيف يمكن العمل بشكل تعاوني معهم " والتصرف بحكمة في العلاقات الانسانية .
وموضوعات الوعي الذاتي وادارة العلاقات الشخصية التي تشكل جوهر الذكاء العاطفي هي في الأساس أبعاد الذكاء الاجتماعي وأبعاد الذكاء العاطفي وثيقة الصلة أيضا بعدد آخر من المفاهيم مثل النضج النفسي والوعي العاطفي وحسن الاصغاء والحسم .

قدم باحثين وكتاب الذكاء العاطفي مجموعة من التعريفات الخاصة بالذكاء العاطفي نوردها كالأتي :
1- يعرف كولمان Goleman الذكاء العاطفي بأنه القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، وذلك لتحفيز أنفسنا، ولإدارة عاطفتنا بشكـل سلـيم في علاقتنا مع الآخرين.
2- هو عبارة عن القدرات والمهارات في التعرف على مشاعرنا الذاتية ومشاعر الآخرين , لنكون أكثر تحكماً في انفعالاتنا وتحفيز أنفسنا وإقامة علاقات أفضل مع الاخرين.
3- هو الاستخدام الفطري والتلقائي للعواطف والأحاسيس الإنسانية الى درجة تمكننا من ترشيد وتهذيب سلوكنا وتعظيم محصلة تفاعلنا مع الأخرين والأحداث والمواقف التي تواجهنا على مدار حياتنا .
4- هو القدرة على فرز العواطف الذاتية وحسن استعمالاها.
ونلاحظ من التعريفات السابقة أنها تركز على :
1- ضرورة فهم انفعالاتنا الشخصية والتي ستجعلنا نفهم مشاعر الأخرين
2- اقامة علاقة تعاون بين القلب والعقل والفكر والشعور
3- اقامة علاقات طيبة مع الأخرين.
4- الشعور بالرضا والسلام الداخلي .

عندما تعيش حياتك في في جو يسوده روح المحبة والألفة والتعاون في المنزل او العمل سينعكس ذلك على سلوكنا ويجعل النفس اكثر اطمئنانا وهدواء والعكس اذا كان علاقة الإنسان بالأخرين في توتر وصراع فأن هذا له نتائج عكسية على السلوك الفردي وعلى سلوك المجتمع بشكل عام.

ونجد أن الذكاء العاطفي يتكون من جانبين :
الجانب الأول هو الذكاء العقلي : ويعرف الذكاء بأنه القدرة على التعلم و اكتساب المهارات وتحليل العلاقات بين الأشياء والتكيف في المواقف المختلفة.
والذكاء عدة انواع :
-الذكاء اللغوي: وهو القدرة على استخدام اللغة ومعاني الكلمات وحسن الإلقاء والقدرة على نقل المفاهيم بطريقة واضحة
-الذكاء المنطقي: وهو القدرة الرياضية والتفكير المجرد وحل المشكلات
الذكاء الشخصي: وهو القدرة على معرفة جوانب القوةوالضعف في شخصية الفرد والوعي بحالاته الانفعالية , والقدرة على ضبط أنفعالاتها والتحفيز الذاتي.
-الذكاء الاجتماعي: وهو قوة الملاحظة ومعرفة الفروق بين الناس وخاصة طبائعهم وأمزجتهم ومعرفة رغباتهم ودوافعهم
و الذكاء العاطفي يجمع بين الذكاء الشخصي والذكاء الإجتماعي .
-الذكاء الإيقاعي : والقدرة على تمييز الأصوات والإيقاعات.
-الذكاء المكاني: وهو سعة إدراك العالم والقدرة على التصور ومعرفة الاتجاهات وتقدير المسافات
-الذكاء البدني: وهو قدرة التحكم في حركات الجسد
-الذكاء البيئي: وهو القدرة على لطبيعة ومافيها من حيوانات ونباتات والقدرة على تصنيفها..

الجانب الثاني هو العاطفة : الاستعداد النفسي الذي ينزع بصاحبة إلى الشعور بانفعالات معينة تجاه شخص أو شيء أو فكرة وهناك عواطف ايجابية مثل الحب التعاون و الايثار وهناك عواطف سلبية مثل الكره والأنانية والحقد والعدوانية.

ثانيا : عناصر الذكاء العاطفي :
1- الوعي بالذات : هو القدرة على التعرف وفهم أنفسنا وتحليل نقاط القوة والضعف بالنفس وهو فهم الذات.
2- التحكم في الانفعالات : هي القدرة على ضبط النفس والسيطرة على الإنفعالات ومعرفة متى وكيف نعبر عن انفعالاتنا في الوقت المناسب فهي تأتي بعد فهم الذات ومشاعرها فهما صحيحا .
هناك مقولة مشهورة للفيلسوف أرسطو " أن يغضب الإنسان فهذا أمر سهل... ولكن أن يغضب في الوقت المناسب,,ومن الشخص المناسب,, وللهدف المناسب,, وبالأسلوب المناسب,, فليس هذا بالأمر السهل"
وفي القرأن الكريم يقول تعالى " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس "
وفي اية اخرى يقول تعالى : "وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ"
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعه ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "

3- التحفيز الذاتي :
ما هو التحفيز الذاتي؟
يُقصد به شحن وتقوية مشاعرك وأحاسيسك الداخلية التي تقودك إلى تحقيق أهدافك أو تسهل عليك القيام بها
كما يوحي لفظ ( تحفيز ذاتي ) فإنك أنت الذي تقوم بعملية التحفيز ولا يُساعدك أحد ، وعملية التحفيز الذاتي هي من أقوى عمليات التشجيع لنفسك وتدخل في دائرة برمجة عقلك الباطن بأمور أن تجعلك الشخص الأكثر نشاطاً وإنتاجية ومعرفة ، كما أنها ترفع من فهمك لذاتك وتقديرك لها .
ونلجأ الى التحفيز الذاتي :
-عندما تشعر بانخفاض طاقتك أو بأن نشاطك البدني أو النفسي قل ولم يعد له الأثر في تحقيق أهدافك
-عندما تراودك مشاعر بأنه لا داعي ولا جدوى من تحقيق أهدافك
-تحفزنفسك كي تشجعها لمضاعفة مجهودك والاسراع في تحقيق أهدافك
-عندما تريد الاقدام على أي خطوة ترى أنها ناجحة وصاحبك إحساس بعدم قدرتك على القيام بها

4- التعاطف و المهارات الاجتماعية :
التعاطف هو فن الإحساس بالأخرين وتقدير شعورهم وحالتهم النفسية فهو القدرة على الإصغاء والتبصر بهدف التعرف على أفكار ومشاعر الآخر . وهذه ملكة لا يملكها كل الناس " أن تكون شاعرا بالأخرين "
والمهارات الإجتماعية تشمل اقامة العلاقات الطيبة مع الناس على المحبة والتعاون والاحترام المتبادل .
ونسوق هذه الأمثلة من الإسلام في التعاطف والمهارات الإجتماعية.
يقول الله تعالى في " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ "
فالآية فيها ايحاء بأن حسن الخلق واللين مع الناس يضمن حب حولك وإلتفافهم .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
"ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالسًا يومالقيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطأون أكنافاً،الذين يألفون و يؤلفون،ألا أخبركم بأبغضكم إلي و أبعدكم مني مجالسًا يوم القيامة" الثرثارون المتفيهقون"
فإننا يمكن أن نعرف الإنسان الذكي عاطفيا بأنه يحمل الصفات التالية :
-إنسان يعرف نفسه بضعفها وقوتها ويقرأ مشاعره باستمرار.
-إنسان يتحمل المسؤولية في علاقته مع الآ خرين
-إنسان متعاطف ويتفهم مشاعر الآخرين
-إنسان متفائل لا يشله الخوف من الفشل والعقبات
-إنسان يعشق لعبة التغيير فيتقبل النقد ويسعى للأفضل
-إنسان متسامح لا يحمل حقدا ولا غلا ولا ينشغل بكره أحد .

أهمية الذكاء العاطفي :
- الانسجام بين عواطفك ومبادئك وقيمك, مما يشعرك بالرضا والاطمئنان
- إتخاذ قراراتك الحياتية بطريقة أفضل
- الصحة الجسدية والنفسية
- القدرة على تحفيز نفسك وإيجاد الدافعية الذاتية لعمل ما تريد
- أن تكون أكثر فعالية في العمل من خلال الفريق
- أمتلاك حياة زوجية أكثر سعادة
- أن تكون مربياً ناجحاً ومؤثراً في أسرتك
- تحصل على معاملة أكثر أحتراماً

- تكوين العلاقات والصداقات التي تريدها
- ان تكون أكثر إقناعاً وتأثيراً في الآخرين
- النجاح الوظيفي

والأن نطرح سؤالا لمن اطلع على الموضوع
هل يمكن للإنسان أن يرفع من مستوى ذكائه العاطفي؟
في انتظار ردودكم :154::154::154::154: