من تذوق مرارة موت الأم ؟؟



تمضي أيام من عمري وعمر

الزمن وتبقى ذكرى مت أمي

هاجساً مريراً يدق ناقوس

حياتي ‏


إني الآن أبوح بعد أن شنق

البوح صمتي , وتوالت شروخ

أعماقي وأبت إلا أن تنزف دماً ‏

وإنها لذكريات ولكن لا تزال

ترسباتها في أعماقي , وما

كنت لأكتبها لولا الذي

أيقضها فأبكاني ‏‏,, وسأبتدئ

بأيامي من أولها .. لا لأنها

من الأحزان جاءت بل لأنها من


الأحزان انتهت فبالأمس ‏وقبل

أن تنطفئ قناديل الأمل من

سماء حياتي وقبل أن تحرق نار

الفراق أحشائي كنت كالنحلة ‏

قرب أمي لا أتذوق غير رحيقها



ولا أهفو إلا إلى ضوئها أينما

شع ... كنت لها أغرودة

الحياة ‏وكانت لي نعمة الوجود ‏


فمن تذوق مرارة موت الأم ‏


ومن أستطعم بطعم اليتيم ‏



ومن تقاذفته أمواج الخوف

وانتحرت طفولته وطمست

معالمها الهموم وبات لا يعرف

بحضن من ‏يختبئ ..‏


لقد مات أمي وتوارت تحت

الثرى فبكيت فراقها وفقدت

حنانها ودفء أحضانها وعذوبة

مناداتها ‏فأقبلت بوجهي على

الأحزان أجوب خضم الحياة

القاسية صامتة يحتويني

الاحتراق ويثقلني ‏الانكسار في

زمن حب الذات ,,, لقد كانت

أمي هي الدنيا والنعيم

الذي يملأ شعوري ... كانت ‏هي

ذروة كل سعادتي ..‏


فيا لهفي عليها والموت ينزعها


فيا عزاء نفسي كيف تندمل

جراحات اليتيم .. لقد

أحسست بأني نبذت من الوجود

لأن الوجود هو ‏أمي .. أحسست

بأن طفولتي ذهبت إلى عالم آخر

غير الذي ألفته .. فحزنت حتى

تقرّحت ‏مشاعري


وتألمت حتى أشفق الألم .. لكن

مشيت في الحياة خطوة خطوة ‏


وتجرعت كأس الألم قطرة قطرة ‏


ورضيت بما كتبه الله لي من

شتات أحزاني في قاع أعماقي

وهربت بها عن أعين البشر

اجوب ‏فيافي النسيان وقفار

السلوى .. فقد علمتني الحياة

الشموخ عند الشدة والصمود

في وجه المحن ... ‏علمتني الحياة

أن لا أبوح إلا إلى قلمي ولا

أستعين إلا بخالقي ......