لا تشرح الفتوى الشاردة من فضيلة الشيخ الدكتور صالح المغامسي إلى مواطن عربي (أوروبي) سماحة هذا الإسلام ويسره ووسطيته فحسب؛ بل تشرح أيضاً طبيعة ومسلك طالب العلم في فهمه العميق لعظمة هذا الدين واستنباط أحكامه وفهم مقاصده. يقول لنا هذا الأخ المسلم وهو يستفتي فضيلة الشيخ المغامسي على الهواء: (لقد فعلت في مهجري من الذنوب والكبائر ما أريد بعدها أن أذهب إلى بلد مسلم يطبق على أفعالي حدود الله، لأنني أريد لنفسي القصاص توبة قبل الآخرة... فإلى أين أذهب يا صاحب الفضيلة؟) انتهى. فكيف تتوقعون الفتوى؟ وإلى أين ذهب الجواب؟ قال له الشيخ الفاضل: الجواب هو أن تعود إلى الله ـ عز وجل ـ وأن تتوب إليه، وأن تبقى في مكانك، لأن بشائر الله للتائبين أعظم أجراً وأكثر ثواباً مما قد تتخيل. قال له: إن الله ـ عز وجل ـ مع التوبة النصوح يبدل السيئات حسنات، ثم بشره بأن الله ـ سبحانه ـ قد قال في كتابه الكريم (إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف). بكيت عندما كانت حشرجة العبرات مثل المرجل في جوف أخي المسلم وهو يسمع من هذا الشيخ الفاضل لطف الله بعباده وواسع رحمته ومغفرته.
من هو (صالح المغامسي) في مقياس الشيخ الجليل وطالب العلم؟ هو صالح المغامسي المترفع عن النقاش والجدل. هو الشيخ الذي لم يملأ الفضاء (التويتري) بجملة واحدة أو تغريدة خارجة عن الذوق الإنساني لما يجب أن يكون عليه حامل القرآن الكريم في الجوف. هو (صالح المغامسي) الذي لم يظهر أبداً في مناظرة تلفزيونية واحدة للتصنيف أو الإقصاء أو الجدال والردح. هو المواطن (المدني) الذي لقي خطابه الشهير أمام ولي الأمر ذلك الاستقبال الهائل على كل المواقع والبرامج، لأن خطابه كان أغلى درر النصح الصادق مثلما كان أعلى فهم لعلاقة الحاكم بالرعية. هو صالح المغامسي: شخصية المسلم الذي تقرؤه من ملامح وجهه وعذوبة لسانه، وهكذا قرأته في فتواه (المبكية). ادعوا له، فأخوكم يحتاج إلى الدعاء.



علي سعد الموسى
صحيفة الوطن
23/12/ 1434