"هرب من القوم وطاح بالسرية"!



يحكى أن رجلاً في الزمن الماضي كان مطلوباً لإحدى الحكومات المجاورة، فأرسلت خلفه "سريّة عسكرية" للقبض عليه، وحينما علم بذلك هرب في الصحراء، وبينما هو يركض على غير هدى، لمح مجموعة من "القوم" فظن أنهم يبحثون عنه.. فما كان منه إلا أن غيّر مساره إلى الجهة الأخرى، ليجد نفسه في مواجهة "السرية" حيث قبضت عليه.. وذهبت حكايته مثلاً يروى "هرب من القوم وطاح بالسريّة"!
نحن اليوم في البلد نكافح (البطالة)، لكننا بدأنا نقع دون أن نشعر في فخ (البطالة المقنّعة).. التعريف الأكثر تداولاً للبطالة المقنعة أنها مجموعة من العمال الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل أو الجهد الذي تتطلبه الوظيفة، وهي نسبة - وفقاً للموسوعة الحرة - إذا تم سحبها من مجال العمل لا يترتب على خروجها أي نقص في إجمالي إنتاج الشركة أو المؤسسة التي هم موظفون فيها، وربما زاد الإنتاج عما لو ظلوا في وظائفهم!
المؤكد - من وجهة نظري - أن المؤسسات المتكدسة بالموظفين هي أكثر المؤسسات تعطيلاً للناس وأقلها كفاءة وإنتاجية.. هكذا أفهمها.. علاقة طردية بين متغيرين: كلما زاد الفعل الأول، زاد الفعل الثاني.. الآن تذهب لأحد فروع شركات الاتصال المنتشرة على الشوارع الرئيسية في بلادنا.. تدخل المكان تجده مكتظاً بالبشر.. لكنهم يتحركون، وينجزون أعمالهم بسرعة.. تنظر للصالة التي يتم العمل وسطها لا تجد سوى أربعة أو خمسة موظفين فقط!
ملف البطالة من الملفات المقلقة في بلادنا.. لكن هناك البطالة المقنّعة التي أصبحت كالدهون الثلاثية التي تعيق جريان الدم.. مؤسسات يتكدس فيها الموظفون وأخرى تعاني شح الموظفين.. النشرة الإحصائية التي أصدرتها وزارة الخدمة المدنية خلال هذا الشهر تكشف أن عدد العاملين في الدولة بلغ (1.214.690) موظفاً ومستخدماً، يشكل الرجال ما نسبته 61.73% والنساء 38.27%.. كنا نريد أن نعرف خارطة توزيعهم على القطاعات.. نريد أن نعرف في أي المناطق والمحافظات يتواجدون.. كي نعرف أين تكمن البطالة الحقيقية، وأين تكمن البطالة المقنعة؟!


صالح الشيحي
صحيفة الوطن