مستقبل وزارة التربية والتعليم
لا نستطيع القول إن وزارة كبيرة مثل "التربية" سوف تتغير بين يوم وليلة، إلا أنني أجزم بأن الأمير خالد سوف يضع بصمته المميزة عليها، كما هي بصماته الإيجابية على كل المسؤوليات التي تولاها



من أهم الأنباء التي لفتت انتباه الرأي العام السعودي يوم أمس، صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم. لهذا الأمر المهم دلالته المتوقعة على مستقبل وأوضاع وزارة التربية والتعليم.
عُرف الأمير خالد الفيصل بدقته واهتمامه بالتنمية والتطوير والبناء، والحقائب التي تولاها الأمير خالد الفيصل شاهدة على ذلك، وهذا ما سيكون متوقعاً أيضاً من خلال استلامه لحقيبة وزارة التربية والتعليم في المملكة التي تاقت طويلاً للتغيير والتطوير والبناء، ولا سيما أنها الوزارة التي فيها الكثير من الملفات التطويرية المعلقة والآمال المعقودة منذ عقود ماضية، والأمل كبير لدى الرأي العام السعودي بأن يقودها رجل بحجم تجربة وفكر الأمير خالد الفيصل.
ولكن لا نستطيع القول إن وزارة كبيرة مثل التربية والتعليم سوف تتغير بين يوم وليلة، فالمسؤولية فيها كبيرة، ونأمل العون والتوفيق فيها للأمير خالد الفيصل، إلا أنني أجزم بأنه سوف يضع بصمته المميزة عليها، كما هي بصماته الإيجابية الإدارية والتنموية المتميزة الواضحة على كل المسؤوليات التي تولاها، ومعروف أن القيادة وحدها لا تكفي إذا لم يتميز القائد بفكر قيادي يجعله يحقق رؤاه على واقع الأرض، وهذا ما تمتع به الأمير خالد الفيصل طيلة سيرته الإدارية.
حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الخبر المهم الذي حاز على جل الاهتمام، وهو خبر فعلاً يستحق الاهتمام، وخاصة أن المشتغلين بقطاع التربية والتعليم يعولون عليه كثيراً في رسم مستقبل التربية والتعليم، وخاصة أنهم يعون جيداً أوضاعها وينتظرون التغيير والتطوير، وربما أنهم أيضاً يدركون أن التاريخ سيكون فاصلاً بين هذا التعيين وما قبله، لما عرف عن الوزير الأمير خالد الفيصل من دقة وصرامة في التخطيط والإنجاز، كما أن التربويين أيضاً مدركون لكافة الوعود الكبيرة في التطوير التي لم تتحقق في العقود الماضية ولديهم الأمل الكبير بتحققها، وهذا ما سوف يحظى بقاعدة تربوية وتعليمية تأسيسية يرسيها وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل من خلال خبرته الإدارية والتنموية، وقيادته ومبادرته لإنشاء مؤسسات هي في عمق الشأن الفكري والتربوي وأثرت إيجاباً في التنمية والتطوير لدى الإنسان.
من يتابع السيرة الإدارية والقيادية للأمير خالد الفيصل ويعود لأرشيف كلماته وتصريحاته فسيجد أن تنمية "الإنسان" و"المكان" محور اهتمامه، والتنمية في الإنسان والمكان تتحقق في ظل وجود فكر وإستراتيجية واضحة. وبالنسبة للتربية والتعليم فإن السياسات العليا للبلاد وقيادتها قد أقرت مشروع تطوير التعليم من خلال مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم، الأمر الذي يقتضي إطلاق هذه الإستراتيجية وتدشينها على أرض الواقع، كإستراتيجية شاملة، وهي فرصة كبيرة للتربية والتعليم أن يقودها رجل بخبرة خالد الفيصل وفكره وقدرته على الإبداع والتطوير.
إن الواقع يقول إنه يقول شيئاً، لكن المستقبل سيقول أشياء أخرى أفضل، فالتربية تحظى باهتمام حتى من هم خارج إطارها وظيفياً، وداخل إطارها فعلياً من خلال ممارسة الأفراد للتربية الأسرية والاجتماعية، ولهذا فإن الكثير من القضايا سيكون على طاولة سمو الوزير الجديد، وأهمها أحلامنا بوزارة ذات دماء جديدة، وفكر تربوي جديد، ومناهج تعليمية متطورة، وطلاب عميقين محبين للمدرسة.
يحتاج المجتمع السعودي إستراتيجية تربوية وسياسات تعليمية تنطلق من المدرسة، كونها البيئة الأهم للتعليم، على الرغم من أنها لم تعد الوحيدة اليوم. وهنالك الكثير من الملفات التي لم يقضَ عليها تربوياً، ومنها "المنهج الخفي" وهو الملف الأبرز الذي أثير منذ حادثة سبتمبر 2001، مما جعل الكثير من المهتمين يصفون تعليمنا بالمختطف فكرياً!
وليس الأمر انتهاء بقضية "المدارس المستأجرة"، فما أدركناه من خلال التجربة هو أنه لا يمكن للتعليم والتربية أن يتطورا ويتقدما وهما في أماكن "موقتة"، وهي أبرز مشكلة تواجه المعلم والطالب اليوم في عالم أصبح تقدم التعليم فيه مواكباً للتقدم الحضاري للزمان والمكان؛ ولهذا تعتبر الحاجة لتطوير السياسات التربوية أولوية قصوى لرسم مستقبل التعليم في بلادنا، فركائز العملية التعليمية (المعلم، الطالب، المنهج، الإدارة المدرسية) لن توصف بأنها متطورة إذا لم تشملها إستراتيجية التطوير التي باتت ضرورة لإنقاذ مستقبل التربية والتعليم.



سعود البلوي
صحيفة الوطن