حقيبتك ثقيلة يا وزير التعليم
أهلا بك يا سمو الأمير الإداري المخضرم في وزارتك الجديدة. أنت لم تتوقف يوما عن الركض في ميدان صناعة المكان والإنسان.



أهلا بك يا سمو الأمير الإداري المخضرم في وزارتك الجديدة. أنت لم تتوقف يوما عن الركض في ميدان صناعة المكان والإنسان. طافت بك السنون، وترافقت معك التجارب، وها أنت تعود إلى نقطة البداية مجددا، لتكتب سيرة أخرى غير هذه وتلك. بالطبع لن تكون استراحة محارب، هي معركة أخرى تخوضها من أجل إنسان هذا البلد وكيانه.
حقيبتك هذه المرة ثقيلة يا سمو الأمير الوزير. ثقيلة بحجم حقائب الصغار المعبأة بالدفاتر والقراطيس والأحلام، وقد أعيت صباحاتهم يوميا، وهم يجرون خطاهم حثيثا للاصطفاف في طابور الحياة، جيلا بعد جيل.
حقيبتك مثقلة بالتحديات والتراكمات، وربما الخيبات، فأنت تعلم جيدا أن الإحباط يتسيد الموقف حين يكون الحديث عن التعليم. والتعليم في مجالسنا هو: مبان مستأجرة، فصول متهالكة، طلاب متكدسون، إمكانات محدودة، وميزانية هي الأكبر على مستوى الوزارات والدول.
الطالب ليس الطالب الذي تعرفه حين كنت على مقعد الدراسة. أصبح اليوم أكثر وعيا وفضولا وشراسة. لكنه ما زال رهن حشو المناهج، ويتعامل مع الورقة والقلم، اللذين كنت تتعامل معهما حين كنت طالبا، وفي منزله يفعل كل الأشياء دون ورقة وقلم.
والمعلم اليوم ليس معلم الأمس، توارت شخصيته في ظل الأنظمة التي حدت من قدرته وسيادته، وتراجع عطاؤه مع ارتفاع حجم مهامه وأعداد الصغار الذين يتفرس وجوههم كل صباح، لكنه ما زال صامدا ويطمح في بعض الحقوق الغائبة، كالتأمين الطبي وبدل السكن وأشياء أخرى.
كل هذا يضاف إلى مهمتك الأولى يا سمو الأمير: المدرسة، كيف نجعل منها مكانا جاذبا لا طاردا كما تبدو، وكيف نصنع بيئة تعليمية رائدة تتواءم مع اهتمامات النشء، وتحقق احتياجاتهم، وتجعلهم يتقاطرون عليها بحب ويشعرون بالانتماء لها.
إنها مهمة مستحيلة، لكنك لها يا خالد الفيصل.


حسن الحارثي
صحيفة الوطن