قبل أن تبدأ يا أمير

حينما يأتيك شخص لديه مشكلة في الركبتين ومفاصل القدمين، ولا يستطيع الحركة، ويطلب منك معالجته؛ كي يتمكن من الركض والانطلاق.. الأرجح أنك ستبدأ في علاجه.. وربما تستطيع ذلك..
لكنك -وهنا المهم- حينما تتأمل حالة هذا المريض، وتجد أنك أمام شخص سمين جداً، لدرجة أنك لا تستطيع معها -مهما حاولت- أن تعالجه، وتساعده على الوقوف والركض.. حتى لو ركبت له محركات (gmc)!
أنت تلك اللحظة بحاجة لمقص الجراح الماهر.. كي تعيد ترتيب هذا الجسم.. كي تزيل هذه الترهلات.. والانثناءات.. والأرطال من الشحوم القاتلة.. ومن ثم ترسم له النظام الغذائي الصارم، لتجد نفسك إثر ذلك أمام شخص رشيق، تستطيع أن تصرف العلاج المناسب له.. ليعاود الانطلاق والركض مجدداً..
اليوم ذات الحالة أمام سمو الأمير خالد الفيصل - وزير التربية والتعليم الجديد - سيدخل وزارة مترهلة لدرجة لا يمكن تخيلها، فضلاً عن قبولها.. وزارة تتكدس ممراتها بمئات الموظفين، كل واحد منهم يحمل اسما ومنصبا حصل عليه بالوراثة أو التقادم.. مشكلين بذلك ترسانة بيروقراطية ثقيلة.. تقتل القرار.. وتعيق تنفيذه.. وتئد أي محاولة للتفكير.
التعليم في بلادي لن ينهض مهما كان حماس الوزير.. مهما كان حزمه، ورغبته الصادقة طالما هو محاط بكل هذه القيادات الأثرية المتكلسة..
أمامك يا سمو الأمير عدد هائل من البيروقراطيين.. وكلاء.. وكلاء مساعدين.. خبراء.. مستشارين.. مديري عموم، كثير منهم يجثمون على صدر الوزارة منذ 30 سنة وحتى اليوم.. هؤلاء عقبة حؤول أمام كل نهضة تسعى بالتعليم نحوها.. أول خطوة من وجهة نظري أن تتخلص من هؤلاء.. أوجدوا صيغة تفاهم مع وزارة الخدمة المدنية لنقلهم إلى جهات أخرى.. أو على الأقل يتم إبعادهم عن مواقع القرار.. لا يجب أن يقتربوا من موقع القرار، أو حتى الطرق التي تمر من خلالها القرارات التصحيحية.
هؤلاء حجر عثرة أمام أي خطوة إصلاحية.. لأنهم يدركون أنهم هم أولى ضحايا مركبة الإصلاح الحقيقي، حينما تدور محركاتها.


صالح الشيحي
صحيفة الوطن