حب التعليم أولاً
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
الإثنين 30/12/2013
صحيفة المدينة
رحل وزير وجاء وزير. وزارة التربية والتعليم.. هي أكثر التصاقاً بكل مواطن في هذه البلاد. بل وفي كل بلاد الدنيا. دعك من المفاضلة بين وزارة وأخرى، فتلك متاهات قد تثير بعض الحساسيات. في نظري وزارة التربية والتعليم تأتي أولاً! ونجاحها يأتي أولاً! وأداؤها يأتي أولاً؟ إن نجحت وزارة التربية والتعليم في أداء رسالتها، فقد نجح الوطن كله.. ليس لحاضره فقط، وإنما لمستقبله، ولقوته ومنعته وتطوره وهيبته.
وكثيرٌ مما سمعت عن مطالب المواطن المعروضة على طاولة سمو الوزير الجديد.. مهمة وضرورية، لكنها في نظري ليست الأكثر أهمية والأشد إلحاحاً.
منها مثلاً استعادة هيبة المعلم. في نظري أن هيبة المعلم مرتبطة بحب المعلم، وبتقدير المعلم، وبمكانة المعلم. وكل ذلك لا يأتي بجرة قلم ولا بقرار وزير، وإنما هو وضع مكتسب.. تماماً كالمهارة التي يتمتع بها لاعب الكرة المحترف، لا تتحقق إلاّ بعد تدريب شاق وجهد كبير. والمعلم المحبوب لا يصبح كذلك بمجرد صدور قرار تعيينه معلماً. ذلك على حد تعبير أهل الرياضيات (وأنا منهم) شرط ضروري لكنه غير كافٍ.
أن يحبك تلاميذك أكثر، وأن يحترموك أكثر، وأن تصبح في نظرهم النموذج والقدوة... يتطلب منك أيها المعلم جهداً أكبر، وعطاء أكبر. النتائج مرتبطة دائماً بالمقدمات. والمقدمات في ميدان التعليم تحديداً مرتبطة بحسن الاختيار أولاً (خاصة إذا كانت العقود كاثوليكية لا رجعة فيها)، ثم بالخبرة والممارسة ثانياً. ولذلك كان التسرع في السعودة العشوائية لوظائف المعلمين والمعلمات من أكثر الأخطاء فداحة على مسيرة التعليم في بلادنا، والتي سنظل ندفع أثمانها الباهظة لعقود قادمة.
في نظري إن حب التعليم يأتي أولاً. وهو مقدم على غيره من الأولويات! صدقوني بإمكان التلميذ عشق المدرسة حتى لو درس في ظل شجرة إذا نجحنا في غرس حب التعلم في صغارنا وحب التعليم في معلمينا. وفي المقابل لو جئنا بأفضل المباني الدراسية على مستوى العالم، فستظل في نفوس صغارنا كئيبة منبوذة ما لم يكن للمعلم حراك تربوي تعليمي مؤثر، والحراك مصدره القلب.
الحب أولاً للعملاء الصغار، ثم العشق ثانياً للمهنة التي لا يبرز فيها إلا الكبار!!