قياس!!
ماجد الحربي
صحيفة سبق

منذ بداية انطلاقة "قياس" تقريباً في عام 1423هـ كان "وقتذاك" لخريجي المرحلة الثانوية فقط، وبرسوم 100 ريال، ولمرة واحدة فقط!! وما لبث أن توسع حتى أضحى لطلاب الصف الثاني الثانوي "بنين وبنات"، وأصبح مرتين في العام لكل منهما، وبزيادة للرسوم بلغت 100 %؛ لتصبح 200 ريال بدلاً من 100، بالرغم من أنه من المفترض أن يكون مجاناً، أو حتى بسعر رمزي، إضافة إلى أن تمويله يكون من الدولة؛ فالدولة تستطيع دفع رسومه؛ فلا داعي لتحميل أناس بسطاء وفقراء رسوماً، هم يعجزون عنها، ثم يُفاجَؤون بعدم قبولهم في آخر المطاف!!
وزادت توسعة نفوذ "قياس" حتى وصل لخريجي الجامعات في تعيينهم، بل أضحى عقبة كبيرة في تعيينهم، وزاد من عدد البطالة في المجتمع من الجنسين، بل واصل خط سيره ـ إن صح التعبير ـ إلى مرحلة الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه)، وأضحى مشروعاً استثمارياً!! شعر بذلك القائمون عليه أم لم يشعروا!! وأخشى ما يخشاه البعض أن يطبق "قياس" مستقبلاً على من يريد الحج والعمرة من "حجاج الداخل"، فلا حج ولا عمرة دون قياس!!
وإن كان ولا بد ولا مناص من "قياس"، كما هو الواقع، فينبغي أن يكون اختبار قياس بحسب التخصص، وليس من المنطق أن يُختبر خريج أو خريجة لغة عربية في الرياضيات!! ولا حتى خريجو وخريجات الفنية أو الإسلامية مثلاً في المواد العلمية!! فكل تخصص يختبر في تخصصه، وأن يُضمَّن ذلك شيء من الثقافة العامة المعروفة بالضرورة لكل أحد! إضافة إلى أن قياس المفترض يكون طوال العام، لا لفترات محددة؛ ما يشعرنا بأنه وُجد كـ"عائق فقط للخريجين والخريجات!!"، وأن يكون أكثر مرونة في تطبيقه، بأن يكون ثلاث مرات في السنة، وأن يكون مجاناً لمن لم يجتازوه؛ فلا يُعقل أن يدفعوا أكثر من مرة في العام؛ فهذه فيها تكلفة لا تخفى على الأسر الفقيرة والمحتاجة!!
وختاماً.. إن لم يتم إلغاء قياس، وهو المطلب الشعبي الأقوى، فلا أقل من أن يكون أكثر شفافية، وأن يكون لأكثر من مرة في العام؛ حتى لا يكون عائقاً في طريق توظيف الخريجين والخريجات، ولاسيما أن المسؤولين في الدولة، وفي قياس أنفسهم، لم يُطبَّق عليهم قياس!! وكذلك مسؤولون ناجحون في مناصبهم، قدموا – وما زالوا - خبرات كبيرة للبلد، وهم لم يُختبروا بمثل قياس قط!! فلِمَ يتم تصوير قياس لنا بأنه الخيار الوحيد لاختيار الأنفع والصالح والمناسب للتوظيف؟! فكم من خريج وخريجة شباب وشابات مؤهلين حُرموا من القبول في الجامعات ومن التوظيف بسببه؟! وهم في أمسّ الحاجة للتوظيف ولتكملة دراساتهم!! فيا مسؤولي قياس، ارحموا الناس من "علة" قياس!! وكونوا عوناً لهم، ولا تكونوا عوناً عليهم، واتخذوا خطوة تُحسب لكم بإلغاء قياس؛ حتى ينعم الشباب والشابات والخريجون والخريجات بخيرات بلادهم وهم في سن الشباب، ولا تضيقوا عليهم حتى يبلغوا أو يتخطوا سن الأربعين وهم لم يُوظَّفوا كبعض الخريجات!! فها هي سيدة جامعية في الـ 52 من عمرها عُيّنت العام الماضي بعد أكثر من 20 سنة من الانتظار بسبب الشروط التعجيزية التي وُضعت، والتي على رأسها المدعو قياس!! فما رأي مسؤولي المركز الوطني للقياس؟!