البنوك والضحك على البسطاء من الناس!
بعض البنوك نهجت نهجاً دعائياً فيه مبالغة وغش وعدم مصداقية للعملاء السذج والبسطاء والمحتاجين الذين تنطلي عليهم تلك الموجات الدعائية المكثفة
د. سلطان عبد العزيز العنقري
الثلاثاء 28/01/2014
صحيفة المدينة
من المتعارف عليه أن الإعلان عن المنتوجات والتعريف بها هي إحدى الوسائل المهمة التي تساعد على تسويق تلك المنتوجات في الأسواق،وسرعة تصريفها على غرار مثلنا الشعبي(اللي ما يعرفك ما يثمنك)،مما يكسب أصحاب تلك المنتوجات مردوداً مادياً مجزياً.فالتعريف بالسلع أحد أهم أركان العملية التجارية لكي تعرفها الناس وبالتالي تثمنها ثم تشتريها.إلا أن الملاحظ أن تلك الإعلانات التجارية انتقلت من التعريف بالبضائع أو السلع لتأخذ منعطفاً خطيراً جداً يهدد الكيان الاقتصادي للفرد والأسرة والمجتمع.وهذا ما لاحظناه من أن بعض البنوك نهجت نهجاً دعائياً فيه مبالغة وغش وعدم مصداقية للعملاء السذج والبسطاء والمحتاجين الذين تنطلي عليهم تلك الموجات الدعائية المكثفة في بعض وسائل الإعلام المختلفة.فمن حق البنوك أن تعلن أن لديها أموالاً تريد أن تستثمرها ولكن ليس بهذه الطريقة الإبتزازية.فتكثيف الحملات الدعائية بهذا الأسلوب وبهذه الطريقة يغري البسطاء من الناس والمغفلين للإنحراف بوعي أو بدون وعي،والتهافت للحصول على تلك القروض التي تأكل الرطب واليابس.تقول إحدى الوسائل الدعائية إن بإمكانك الحصول على قروض ميسرة،وبدون كفيل،وخلال ساعات وجيزة؟!وبإمكانك أن تحصل على مبلغ يصل إلى أكثر من مليون ريال،وحتى لو كان دخلك الشهري لا يتجاوز عدة آلاف من الريالات،والتسديد خلال عشر سنوات أو أكثر؟!.وأنا لا أعرف كيف استندت تلك البنوك بحساباتها.فلو افترضنا جدلاً أن هناك مليوناً سوف يعطى للموظف الذي لا يتجاوز راتبه خمسة آلاف ريال،وأن التسديد على 120 شهراً(عشر سنوات)،فإن دخل ذلك الموظف إذا لم يأكل ولا يشرب من راتبه لمدة عشر سنوات بحسبة بسيطة = (600000 ريال)،أي قرابة ثلثي مليون ريال أو أقل بقليل،وبقية المبلغ أي ( 400000 ألف ريال المتبقي من المليون من كامل المبلغ من غير أرباح البنك) كيف يقوم ذلك الموظف( المنتف) بتسديدها؟!،إلا إذا كانت تلك البنوك سوف تقوم بإعادة جدولتها مرة أخرى بشروط أخرى مثل صندوق النقد الدولي؟!أي بمعنى آخر سوف يقوم ذلك الموظف بدفع فوائد أخرى لإطالة فترة التسديد لتلك البنوك،ويصبح طيلة حياته أسير هذه الديون حتى يموت ذلك الموظف.وتلك الطريقة تذكرنا بدعايات شركات الدخان،التي كانت تروج للدخان وأنه أكسير الحياة إذا جاز لنا التعبير؟!،ثم بعد ذلك عندما اكتشف الأطباء خطورة التدخين على كل عضو من أعضاء الجسم الحيوية،ويقصد بها الرئة والقلب والشرايين والفم والمعدة وغيرها،وضعوا تحذيراً رسمياً:التدخين يضر بالصحة ويسبب أمراض القلب وتصلب الشرايين وسرطان الرئة وغيرها من الأمراض الخطيرة ولكن بعد فوات الأوان لمن أبتلي بالتدخين.ونحن هنا نريد أن نضع عبارة مماثلة أمام كل دعاية للبنوك التي تدفع وتضحك على البسطاء بتلك الإعلانات غير الصحيحة وغير الصادقة،والتي تنم عن استخفاف بالناس ومص دماء الموظفين أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة،هذه العبارة يجب أن تأتي على شكل تحذير من موظف دخله محدود تم الضحك عليه من قبل دعايات بعض البنوك وأعطوه المال على طبق من ذهب ثم بعد ذلك أصبحت يداه ورجلاه مكبلة بالحديد ليقول لمن يريد أن يأخذ قرضاً أرجوك(مد رجلك على قدر لحافك)،وأن الدين هَم في الليل والنهار،وإراقة لماء الوجه،وإهانة وذل لا قبله ولا بعده،فهو وسيلة استعباد لخلق الله. نريد من البنوك أن تقول لمن يريد أن يقترض مالاً منها( مد رجلك على قدر لحافك) وأن تذكر عميلها الذي يتعامل معها أن الدين له آثار سلبية اجتماعية وأسرية واقتصادية وغيرها من الآثار السلبية الموجعة والمدمرة للفرد والمجتمع.وأن الشخص سوف يصبح أسير تلك الديون التي سوف يطالب بها عاجلاً أم آجلاً.نريد من البنوك أن تكون صريحة وصادقة وشفافة،وأن تذكر العميل المقترض منها أنه في حالة عدم التسديد فإن لديها جيشاً كاملاً من المحامين والمعقبين،وأنهم سوف يلاحقونه قي كل مكان،وسوف يسألون عنه موج البحر وفيروز الشطآن(مع الاعتذار لنزار قباني)،وسوف يجوبون البراري والقفار والبحار والأنهار،وسوف يستعينون بإدارات الحقوق الخاصة والشرطة الدولية لاستردادك من أي مكان في هذه المعمورة.نريد من مؤسسة النقد العربي السعودي(بنكنا المركزي)أن تتدخل طالما أنها المشرفة وفي الوقت ذاته الممونة لتلك البنوك بنسبة فائدة منخفضة جدا لا تتجاوز(واحد ونصف في المائة؟!)وتضع عبارات تحذيرية حماية للمواطنين البسطاء والمغفلين والمحتاجين والطيبين منا نحن الذين نوقع على شيكات بياض لكي تتحكم البنوك فينا لاحقا ومستقبلا وحتى نموت؟!وأن تراجع أي دعاية لأي بنك أهدافه جذب أكبر قدر من العملاء للإقتراض منها وإغراقهم بالديون قبل بثها عبر وسائل الإعلام المختلفة؟هذاما نأمله ونريده احتراما للمواطن؟!