شريط اخر الاخبار
شريط الاهداءات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هكذا يصبح العقل نقمة!

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    4,586
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي هكذا يصبح العقل نقمة!


    هكذا يصبح العقل نقمة!



    هناك فارق جوهري بين أن يكون الإنسان مؤمنا بفكرةٍ يدافع عنها، ويعمل من أجلها، ويكتب كي يثبتها، وبين أن تصبح حياة الإنسان وعلاقاته وحبه وكرهه مرهونة بالاتفاق أو الاختلاف معه فيها أو حولها.
    حينما تصبح الفكرة الواحدة مهيمنة على العقل، يتحول الإيمان بها إلى شيء يشبه العبودية؛ ذلك أنها توجهه ولا يوجهها، وتأمره ولا تستأمره، حتى إنه يصبح خاويا بدونها، وجاهلا بغيرها.
    الفكرة الواحدة، والموقف الواحد، يأسران العقل ويقيدانه، ويصنعان لصاحبهما عداوات نفسية هو في غنى عنها؛ إذ يصبح مخالفوه في أحدهما أشرارا وأعداء، وهم ليسوا كذلك، فيبدأ في الاستعداء والظلم والتشويه والمصادرة والتجهيل، لمجرد أن الآخر يختلف معه!
    إيمان الإنسان بفكرة ما، لا يعني أنها حقيقة مطلقة يتحتم على الآخرين الاتفاق مع صاحبها فيها، ولا يعني أنها متفقة مع المبادئ؛ ولذا فليس من العدل أن تصبح منطلقا ومآلا وزاوية واحدة يُنظر منها إلى كل الأشياء والأفكار والشخوص والأفعال.
    الفكرة الحادة القامعة المسيطرة الواحدة، تقمع صاحبها قبل غيره، و تقيده، وتجعله مأزوما، ومريضا مرضا حقيقيا دون أن يعي ذلك، أو يشعر به، بل إنها تجعله شتّاماً لعّانا سليط اللسان حانقا على كل من يختلف معه فيها، أو في جزء منها.
    ولأنها تسيطر وتستعبد تابعها، حتى تتحول إلى قيد يقيد العقل، فإن صاحبها يعود إليها في مقامات لا تستلزمها، فيصبح مثار سخرية الناس، ومدار أسئلتهم، حول هذا المجنون الذي صار لا يقول ولا يكتب ولا يبحث ولا يقرأ ولا يفكر ولا يحكم، إلا من خلال فكرته، وكأنها سر التكوين، وأم النظريات!
    إن من بات أسيرا عند فكرة واحدة، لا يمكن أن يكون موضوعيا أو عادلا في أحكامه، وعليه فإن ثقة الناس فيما يصدر عنه تتلاشى، وإعجابهم بما يستحق الإعجاب منه ينعدم، ظنا منهم أنه لن يقول سوى ما يخدم "سيدته الفكرة"، وهو ظن في محله.
    الحياة بكل تعرجات طرقها، وعلى مدى اتساع مساحات التفكير فيها، واسعة وممتدة إلى الحد الذي يجعلها قادرة على استيعاب الأفكار كلها، وليست متوقفة عند فكرة واحدة، وليست الفكرة الواحدة حقيقة كونية مطلقة مهما بلغ إيمان صاحبها بها، مما يجعل الانعتاق منها انعتاقا من الأسر، واستثمارا حقيقيا للعقل الذي أمره الخالق ـ جلّ وعلا ـ بالتبصر والتدبر، وهما يعنيان "الانعتاق" بكل ما توحي به هذه اللفظة.
    ما أثمنك أيها العقل البشري، وما أجمل أن تكون حرا منطلقا في فضاءات الله الرحيبة!


    أحمد التيهاني 2014-01-29 1:05 am
    صحيفة الوطن
    ( ربنا اتنا فى الدنيا حسنة وفى الاخرة حسنة.وقنا عذاب النار)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المشاركات
    6,366
    معدل تقييم المستوى
    283

    افتراضي رد: هكذا يصبح العقل نقمة!

    طرح رائع

    الله يعطيك العافية استاذنا الفاضل , والشكر موصول لصاحب المقال








  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    4,586
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: هكذا يصبح العقل نقمة!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طموح لاينتهي مشاهدة المشاركة
    طرح رائع

    الله يعطيك العافية استاذنا الفاضل , والشكر موصول لصاحب المقال

    شكرا لك وتقدير
    ع. المروور... والتصفح
    وردك العطر
    الله يعطيك العافيه..
    والشكر موصولا
    لكاتب المقال...
    ( ربنا اتنا فى الدنيا حسنة وفى الاخرة حسنة.وقنا عذاب النار)

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

مواضيع لم يتم الرد عليها