صوت المعلمين
د. زيد علي الفضيل
صحيفة المدينة
الخميس 06/02/2014
ما أحوج المعلمين اليوم لسماع شيئ من معاناتهم، ذلك أنهم العصا الأضعف في كل معادلة التعليم اليوم، حيث يتم رمي كل التهم عليهم، ولا يعني قولي أن عديدًا منهم براء، ولا يستحق المتابعة والتوجيه بل وإعادة التأهيل، الذي أؤمن أننا جميعًا كموظفي دولة في حاجة لذلك وفق خطة مدروسة، لنتمكن من الوصول إلى ردهات العالم الأول.
أعود إلى موضوع التعليم وهمومه لأكمل ما بدأته في مقالتي "واقع التعليم السعودي، وماذا يريد المعلمون"، مثنيًا على مقولة سمو وزير التربية والتعليم في اجتماع مديري التعليم بأن من المخجل أن يقوم معلم بتشجيع أبنائه الطلاب على الغياب قبيل الاختبارات. وهو واقع لا يمكننا نفيه، كما لا نستطيع الجزم بأن غياب الطلاب جاء فقط بسبب تشجيع أولئك المعلمين لهم، إذ يقوم كثيرًا من مجاميع الطلاب بالغياب في الأيام الأخيرة رغبة في استذكار دروسهم، وهو عُرفٌ قائم منذ فترة دراستي للمرحلة الثانوية خلال أوائل عقد الثمانينيات الميلادية من القرن المنصرم.
على أن الأمر من الأهميةِ بمكان أن يُنظر إليه اليوم من زاوية أخرى، رغبة في تحقيق وتيرة إصلاح التعليم وتطويره، ويمكن إيجاز ذلك في نقطتين:
أولًا: أن الفصل الدراسي الواحد يمتد في الفترة الراهنة إلى 18 أسبوعا شاملا لأسبوعي فترة الاختبارات، وهذا يعني أن فترة الدراسة الفعلية تبلغ أربعة أشهر كاملة، وهي فترة طويلة جدًا مقارنة بحصيلة المقرر المدرسي، الذي ينتهي منه المعلم وفقا للخطة العملية وبشكل منطقي في مدة 14 أسبوعًا، وبذلك يكون الأسبوعان التاليان من قبيل الفائض في الجدول الدراسي، وهو ما يُسبب حالة الترهل التي يُصاب بها التعليم في كل فصل.
ولمُعالجة ذلك أصدرت الوزارة العديد من التعميمات التي لم تُغيِّر من الأمر شيئًا، وحتى وإن تم منع الطلاب من الغياب فحضورهم كان عبئًا على مدرسة لم يعد لمعلمها ما يُضيفه من بعد شرح لمدة ثلاثة أشهر وأسبوعين. والغريب أنه قد تم التفكير- سابقًا - في كثير من الإجراءات الرادعة، ولم يتم التفكير في صلاحية طول مدة الدراسة، وتكييفها بالشكل المناسب تربويًا ونفسيًا. لأن القرار كما أتصور قد اتخذ ليحد من إجازات المعلمين، الذين تم التعامل معهم بوصفهم معلمين موظفين وليسوا تربويين، علاوة على الرغبة في مسك زمام الطلاب لأطول فترة ممكنة من السنة.
ثانيا: ينقص المباني المدرسية كثير من الأدوات المساندة لإقامة مختلف الأنشطة اللاصفية، فناهيك عن أن كثيرًا من المباني مستأجرة، ولا تصلح أبدًا للعملية التربوية، فإن أغلب المباني الحكومية قد ترهلت، ولم تعد تتواءم مع الذهنية الحديثة، من حيث هندسة البناء، والخدمات المقدمة فيها، وهو ما يؤدي تبعًا إلى نفور أبنائنا في أيامهم الأخيرة من كل فصل.