المعلم أولاً يا وزارة التربية والتعليم

الكثير من المعلمين يشكون قلة الدافعية وضمور الشعور بالمسئولية وتنامي حالات التسيب وعدم السعي لتطوير الذات تجاه مهامهم العظيمة الموكلة اليهم
د. محمد سالم الغامدي
صحيفة المدينة
السبت 08/02/2014
بعد أن تحدثت كثيراً في هذه المساحة عن قضايا التعليم وهمومه عبر عقدين من الزمن وكان حديثي في غالب الأمر مجملاً لكافة العناصر التعليمية ، لكني اليوم أجد نفسي مجبراً للحديث عن أهم تلك العناصر ومرتكزها ومنطلقها الأساس وهو المعلم لعدة أسباب أهمها:
1-أن المعلم يعد المحرك التنفيذي لكافة عناصر العملية التعليمية فهو المحطة الأخيرة لمباشرة تنفيذ تلك العناصر باتجاه الطالب الذي يعد الهدف النهائي لكافة عناصر العملية التعليمية لوزارة التربية والتعليم التي تعد مخرجاتها المحرك الحقيقي أيضاً للعملية التنموية برمتها .
2-أن الكثير من المعلمين في هذه المرحلة الزمنية تحديداً أصبحوا يعيشون حالة من الخمول المهني قد تكون أسبابها معلومة كسوء التأهيل في الكليات التربوية وماقبلها ،ثم ضعف هيبة المعلم بعد أن سلب منه الكثير من الصلاحيات الداعمة لتلك الهيبة ،ولعل مانسمع كل يوم من تعرض بعض المعلمين للضرب والإهانة بمختلف صورها خير دليل على ذلك الحال غير المحمود ، ومن الأسباب المعلومة أيضاً تجاهل الوزارة لجانب التأهيل المهني العالي الجودة من خلال إقامة الدورات التدريبية ذات الفاعلية في الجانب التطبيقي للمعلم أثناء الخدمة حيث أراها - أي الوزارة- اهتمت بجانب الكم لذلك التدريب لحفظ ماء الوجه فقط دون الالتفات الى جانب الكيف المحقق للفائدة التي يجنيها المعلم وليس أدل على ذلك من دعوة الوزارة في الفترة قبل عام لكل المشرفين التربويين للقيام بتدريب المعلمين وهو ما لايقع ضمن مهامهم الموكلة إليهم كما يتنافى مع مبادئ التدريب ومتطلباته الفنية وينحرف عن الجهة المخصصة له ضمن الهيكل .
3-من خلال معايشتي لواقع الميدان التعليمي ضمن طبيعة عملي أجد أن الكثير من المعلمين يشكون قلة الدافعية وضمور الشعور بالمسئولية وتنامي حالات التسيب وعدم السعي لتطوير الذات تجاه مهامهم العظيمة الموكلة اليهم مما يستوجب دراسة هذه الحالة دراسة مستفيضة للبحث عن الأسباب واقتراح الحلول الناجعة ولعلي هنا أود التنبيه الى إقتراف الوزارة خلال السنوات الماضية لخطأ فادح وهو إهمال جانب البحث العلمي على مختلف المستويات في أجهزة الوزارة وهو ما أدى الى اتساع الخرق على الراقع في الكثير من القضايا التعليمية .
ولعلى بعد طرح أهم الأسباب التي أراها من وجهة نظري اقترح الحلول التالية :
1- إعادة النظر في كافة الأدوار التي تقوم بها الكليات التربوية التي تتولى تأهيل أولئك المعلمين حيث أرى أن بداية القصور ينطلق من ميدانها الذي لايزال تقليدياً في كل شئ ولايزال متقادم الطرائق والآليات .
2-أن تتولى الوزارة تدريب كل المعلمين المستجدين فصلاً دراسياً كاملاً في إدارات التدريب التربوي قبل الولوج إلى الميدان ويتولى عملية التدريب كوادر عالية التدريب ويفضل أن يكونوا من الدول المتقدمة في هذا المجال ، وتقوم أيضاً بتدريب المعلمين في الميدان وفق آليات وبرامج معدة بدقة بما يمس الجوانب الرئيسة في العملية التعليمية ويتضمن أحدث الاستراتيجيات التدريسية .
3-أن توفر للمعلمين البيئة المحفزة للتميز كتوفير التأمين الصحي فوراً وتشجيع المعلم المتميز بالحوافز الدافعة ومعاقبة كل مقصر منهم بعقوبات متدرجة حسب تنامي عملية التقصير التي قد تصل الى حد الإعفاء وأن تدرج تلك الأنظمة ضمن لوائح السياسة التعليمية التى أرى أن الوقت قد حان لإعادة صياغتها بما يتناسب وعصرنا الذي نعيشه ،فلا يعقل أن تبقى الوزارة على سياسة مضى على تدوينها أكثر من نصف قرن .
4-أن تسعى الوزارة الى إعادة التوازن الفكرى لكافة المعلمين بما يحقق الوسطية التي دعا إليها ديننا الاسلامي الحنيف في قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)
ولعلي في الختام أشعر بالكثير من التفاؤل حيال عمليات التجديد والتطوير المبتغاة لكافة عناصر العملية التعليمية في ظل أمير الإبداع ورائد الفكر المتجدد وزيرها المحبوب الأمير خالد الفيصل وفقه الله وأعانه على حمله الثقيل . والله من وراء القصد .