هل من عائد لاستثمارات التأمينات الاجتماعية ومعاشات التقاعد ؟أن تقوم الجهتان المعنيتان باستقطاع هذا البدل بالاستثمار دون منح أصحاب الأصول نسبة فاعتقد أن ذلك لا يتفق مع سماحة الإسلام ، ولا تؤيده الأعراف الإنسانية
د. محمد عثمان الثبيتي
صحيفة المدينة
الأحد 16/02/2014
فكرة استثمار الودائع المُستلَّة من رواتب الموظفين في كل شهر سواءً أكان ذلك في القطاع الحكومي والذي تُمثله المؤسسة العامة لمعاشات التقاعد ، أم في القطاع الخاص وتُمثله المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية جديرة للفت نظر المتابعين عموماً ، والمعنيين من الموظفين في هذين القطاعين على وجه التحديد ؛ فالملاحظ لحجم استثمارات هاتين المؤسستين يُدرك أن ثمة أموالاً طائلة في خزائنهما تنوء بها حساباتهما في البنوك المحلية ورُبما الخارجية ، وما الاستثمارات الضخمة التي بدأت تنتشر في جدة والرياض لهاتين الجهتين إلا مؤشر يؤكد ما ذهبتُ إليه ، ولكن هذه الاستثمارات أصل مواردها لمَنْ ؟ وهل من حق الجهة الرسمية – شرعاً – تشغيلها بدون إذن المُسْتَقْطَعَ من راتبه ؟ والسؤال الأهم هل يعود على صاحب الراتب جزء من هذه الاستثمارات في حياته أو لورثته بعد مماته ؟ أسئلة – أرى – وجاهتها للطرح وبالذات في هذا الوقت الذي أخذت فيه الحياة منحى أثقل كاهل الكثير من أصحاب الدخل المحدود ، وأصبح يُهدد استقرارهم الأُسري جراء تعاظم مُتطلبات الحياة .
لستُ مع تجميد الودائع المادية ولكنني مع إعطاء كل ذي حق حقه ؛ فالموظف الذي يُسْتَقْطَع من راتبه بدل التقاعد وتقوم الجهة ذات العلاقة بتحريك هذه النسبة في السوق بهدف تنويع مصادر دخلها له الحق في إعطائه نسبة من هذا الدخل الإضافي إما مع الراتب الشهري في الوقت الحالي أو تجميعها حتى نهاية خدمته الوظيفية وتُعطى له مُجتمعة ، أما أن تقوم الجهتان المعنيتان باستقطاع هذا البدل بالاستثمار دون منح أصحاب الأصول نسبة فاعتقد أن ذلك لا يتفق مع سماحة الإسلام ، ولا تؤيده الأعراف الإنسانية ؛ خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن نسبة كبيرة من المتقاعدين لا يستفيدون من هذا المبلغ المُسْتَقْطع بسبب الوفاة ، والأدهى والأمَّر أن ورثته – أيضاً – يُحرمون منه بحُجة كبر سن الذكور من الأبناء أو زواج البنات أو حصول أحدهما على وظيفة ، بينما الأصل في تلك النسبة هي للموظف فلا يجب أن تنقطع عن ورثته بعد وفاته لأي سبب من الأسباب ، فما بالكم باستثمارها وحرمانه من هامش ربح يُحسِّن من خلاله الموظف من مستواه المعيشي ، ويضمن له ولأسرته حياة كريمة آنيِّة ومُستقبلية ؟!!
إن إعادة النظر في الآلية التي تنتهجها - حالياً - المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أضحى أمراً حتمياً لا يقبل التأخير ؛ سواءً في نظامها الأساسي الذي يُعاني من تداعياته الكثير من الموظفين والمتمثل في حرمان الورثة من النسبة الكبيرة من راتب العائل بسبب مغادرته للدنيا دون أي اعتبارات إنسانية لحاجتهم لهذا الدخل بغض النظر عن أنه بالكامل حق مشروع تم استقطاعه من راتب والدهم خلال مدة خدمته ، كما أن نظام الاستثمار الذي انتهجته هاتان المؤسستان – برغم أهميته ووجاهته - يجب أن يأخذ في الاعتبار منح الموظفين نسبة من هذه الاستثمارات بعد حساب التكاليف الرأسمالية للمشاريع المُنفذة ، وبذلك تكون المعادلة متوازنة بين تدوير للأموال التي كانت مُجمدة في الحسابات البنكية وبين المساهمة في دعم الموظفين المُسجلين في قوائمهما ، فهل نرى التفاتة سريعة وموضوعية من مسئولي مؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية لتلبية مطالب جميع المُنتسبين لهما ؟ أم أن التجاهل سيواصل وتيرته باتجاه العكس ؟ نتمنى أن تتحقق الأولى ، وتتلاشى الثانية .