تعليمنا.. بين كيف ولماذا !
محمد بتاع البلادي
صحيفة المدينة
الأحد 02/03/2014
* في أحد متاحف (سنغافورة) لفت نظري وجود مجموعة من طلاب المرحلة الابتدائية برفقة معلميهم.. لم يلفتني التزامهم وترتيبهم المذهل؛ فهذا أمر سائد وطبيعي هناك.. ما لفت انتباهي حقيقة وجود أوراق صغيرة في أيدي الأطفال الذين لم تكن أعمارهم تتجاوز العاشرة.. وعند سؤال مرافقي السنغافوري عن سر هذه الأوراق أجاب بأنهم مطالبون بكتابة بحث عن رحلتهم.. حينها تذكرت رحلاتنا المدرسية، وقدور (الكبسة) التي كانت تشجعنا على (البحث) أيضًا، لكنه (بحث) عن المهضمات والألبان، بعد أن (تكبس) على أنفاسنا!.
* الفارق بين أن تجهز طالبًا للمعرفة، وبين أن تعده للحصول على شهادة‏، هو نفس الفارق بين التساؤل بـ(كيف)، والتساؤل بـ(لماذا).. فإذا كانت (لماذا) تقود في الغالب إلى إجابات معلّبة ومسبقة الصنع.. فإن (كيف) المحرّضة على التفكير والبحث تقود إلى إجابات ابتكارية تفتح أمام الباحث أفاقًا جديدة، في عالم باتت المعلومة تتغير فيه بسرعة الضوء.
* بحسب تقرير لمركز رصد المنجزات العلمية، فإن العلوم الإنسانية التي كانت في القرن الماضي تتضاعف كل 50 سنة، أصبحت اليوم تتضاعف بل وتتغير كليًا كل عام ونصف‏ تقريبًا.. وهذه المعدلات الخاطفة لم تعد تسمح بالحفظ والتلقين، ‏لذا فإن التحدي الحقيقي لأي أمة هو نجاحها في تأسيس جيل يُفكِّر بمنهجية علمية صحيحة تبحث عن المعلومة، بدلًا من التلقي والارتماء في مستنقعات القوالب الجاهزة؟!.
* المخجل والمحزن في التقرير هو أن العالم العربي بكل جلبتِهِ وأمواله يساهم بنسبة تساوي‏‏ (صفرًا مكعبًا) في التراكم المعرفي الإنساني، بمعنى أننا لا نضيف للعالم أي شيء، وهذا يرجع بكل بساطة إلى أننا لا نُعلِّم أبناءنا بطريقة صحيحة، ولا نملك أي برامج للبحث العلمي كالموجودة في الدول المتقدمة التي تساهم بنسبة 96% من مجموع أبحاث العالم،‏ ولا حتى كالصين والهند والبرازيل التي تنتج نسبة الأربعة في المئة المتبقية‏!.
* يشير موقع جامعة (هارفرد) الإلكتروني إلى أنها تستثمر قرابة 40 مليار دولار سنويًا في مجالات البحث العلمي، وهذا الرقم الضخم هو ما يُفسِّر تربُّع الجامعة على قمة التعليم الأكاديمي منذ 400 عام وحتى اليوم.. وحصول منسوبيها على 40 جائزة نوبل في أكثر من مجال.