في مجلس الأمير
أنا على ثقة أن كل تلك المداخلات والمقترحات والرؤى التي طرحت أمام سموه ستكون هي البوصلة التي يحدد بها اتجاه خططه المستقبلية لمنطقة تأتي القداسة في مقدمة تميزها وسبباً من أسباب إشكالياتها
نبيلة حسني محجوب
صحيفة المدينة
الأربعاء 02/04/2014
لا شك أن المسؤول الواعي هو الذي يرهف السمع لنبض الآخرين.
يشرع حواسه، يستمع بقلبه وعقله، هذا هو الذي رأيناه ولمسناه نحن أيضا بقلوبنا وعقولنا في مجلس أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبد العزيز الأربعاء 5/25/ 1435هـ ، في قصر المؤتمرات بجدة.
موضوعات عديدة طرحت في مجلس الأمير من المثقفين والمثقفات، ومن أهالي المنطقة، بينما كان الأمير يصغي بكل جوارحه ويطرح رأيه من منطلق مسؤوليته التي تولاها قبل أشهر قليلة ( 22ديسمبر 2013م الموافق 19 صفر 1435هـ )، ومع ذلك بدا ملماً بكل صغيرة وكبيرة مما طرحه بعض رجال الأعمال وعدد من المثقفين والمثقفات.
لم يكن حضور المرأة غريباً ولا نشازاً، بل كان مكملاً لرؤية الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي اصطحب نخبة من السيدات في أولى رحلاته الى العالم بعد توليه الحكم، والملك عبدالله حفظه الله هو الذي جعل للمرأة نصاباً يوازي نصاب الرجل في الحوار الوطني، والملك عبدالله هو الذي أصدر القرار لدخول المرأة مجلس الشورى، وقفن يؤدين القسم أمام الملك تحت القبة.فلا يمكن لمشعل بن عبدالله بن عبد العزيز إلا دعم رؤية والده الملك بدعوة المثقفات لحضور أول مجلس له بحضور تلك النخب.
تلمس الأمير خارطة المنطقة الجغرافية والإدارية والأمنية والاجتماعية، خلال الأشهر القليلة الماضية منذ تسلمه مهام منصبه الجديد المثقل بالتحديات، لذلك أنا على ثقة أن كل تلك المداخلات والمقترحات والرؤى التي طرحت أمام سموه ستكون هي البوصلة التي يحدد بها اتجاه خططه المستقبلية لمنطقة تأتي القداسة في مقدمة تميزها وسبباً من أسباب إشكالياتها، ومع ذلك فاجأنا سموه بأن هناك مشاريع لبعض الأماكن ذات الصلة بالرسالة المحمدية وبالرسول صلى الله عليه وسلم كغار حراء، وتهيئته ليكون مزاراً سياحياً.
مكة المكرمة مهبط الوحي وقبلة المسلمين، تستقبل على مدار العام أعداداً كبيرة من المعتمرين عدا مليونيات الحجيج ، كل هذا يحتاج الى جهود مكثفة لتوفير الراحة والأمن لضيوف بيت الله الحرام ومواجهة تحدي التخلف من الحج والعمرة بحسم وحزم، بالاضافة الى المشروع الأضخم؛ توسعة الحرم، هذا المشروع الذي يعمل به 4000 شاب سعودي كما صرح المهندس بكر بن لادن، وهو خبر مفرح ومحفز على استيعاب الشباب في القطاعين الحكومي والخاص، وليس غريباً على أمير شاب أن يستحوذ الشباب على تفكيره، ويصبح محور تفكيره،هذا الاهتمام الذي ظهر في تركيزه على أهمية استقطاب الشباب، سينعكس- بالتأكيد - على رجال الأعمال لاستيعابهم في القطاع الخاص.
جدة بوابة الحرمين الساحرة بجمالها وحراكها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ومع ذلك تظل جدة لوحدها ( كوم ) من المشكلات، ليس أعقدها مشروعات تصريف المياه والمجاري بعد كارثتي السيول، بل هناك العشوائيات التي أصبحت المشكلة الأعقد في المنطقة، لكن يبدو أن الأمير لديه حلول طويلة الأجل لحل إشكاليات العشوائيات.
ربما لا تكفي مقالة لنقل كل مادار في مجلس الأمير، لكن ربما يمكنني أن أسر للنساء بما طرحته على الأمير في مجلسه،وهو ينصت بشغف واهتمام، وبجواره د/ عقاب يسجل الملاحظات.
ذكرت لسموه ما تعانيه النساء من سوء معاملة المراقبات وبعض المشرفين، والتضييق على النساء وعدم تخصيص مكان لهن في الرواق، كذلك الأماكن المخصصة للنساء والمسيجة بحواجز عالية تمنع الرؤية وتُجبر المرأة على البحث عن مكان لها داخلها، كذلك أكدت د/ خديجة الصبان وأ.د/ ابتسام حلواني على ما طرحته وأضفن إليه قضية الرواق وأرفف المصاحف التي تعيق الرؤية وعدنا الأمير بالتحدث مع معالي الشيخ د. السديس لحل هذا الأمر ولتأهيل العاملات في بيت الله الحرام.
قبل تلك الأمسية الاستثنائية، ربما معظمنا لم ير الأمير إلا من خلال الصور الصحفية التي نشرت له بعد صدور قرار التعيين، أو الصور الاخبارية في قنوات التلفزيون، دائما لا تشبه الصورة الحقيقة الانسانية لمسؤول يتميز بالوعي والحس الإنساني العالي والبديهة الحاضرة ودماثة الخلق ومعرفة واعية بالمنطقة ومكانتها ومشكلاتها، ربما لذلك كان لتلك الأمسية وهجها وبريقها ورسمٌ لها منقوشٌ على صفحة قلوبنا.