من هو العلامة.. هل هو (أ. د.) أم (د. أ.)؟!
إن كلمة أستاذ لا تأتي أولاً، حيث إن الأكاديمي يحصل على المؤهل العلمي (الدكتوراة) أولاً، ثم نتيجة لأبحاثه ونشاطه العلمي يترقى من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك، ثم إلى أستاذ
د. سلطان عبد العزيز العنقري
صحيفة المدينة
الثلاثاء 08/04/2014
نجد في جامعاتنا -وغيرها من الجهات الأخرى- من يعمل فيها ويحمل درجة الدكتوراة، أو لقب "الأستاذ الدكتور"، وهي كلمة مترجمة للكلمة الإنجلــيزية (بروفيسور) Full Professor، ولا ضير في ذلك، طالما أنها تُعبِّر عن واقع المؤهلات التي يحملها صاحب اللقب، ولكن السؤال الذي طرحناه كعنوان لهذه المقالة هو: أيهما يأتي أولاً هل حرف الألف (أ) يأتي قبل حرف الدال (د)؟ أم الدال (د) يأتي قبل حرف الألف (أ)؟.. وهذا في واقع الحال يذكرنا بالجدل البيزنطي، أيهما يأتي أولاً: البيضة أم الدجاجة؟ ويبدو أن أحد المجتهدين اكتشف أن الدجاجة جاءت قبل البيضة وحل المشكلة؟!
ولكن مشكلة (أ. د.) لم تُحل بعد؟! فتلك المشكلة انتشرت بيننا انتشار النار في الهشيم، كونها لا يوجد مثيل لها في قواميس الدرجات العلمية، وإنما هي دخيلة علينا، وصفة انتقلت إلينا عبر البحار القريبة لنا. فنحن نعرف جميعًا أن كلمة أستاذ لا تأتي أولاً حيث إن الأكاديمي يحصل على المؤهل العلمي (الدكتوراة) أولاً ثم بعد ذلك نتيجة لأبحاثه وتدريسه ونشاطه العلمي واكتشافاته وابتكاراته واختراعاته إلى غيرها من الأمور يترقى من أستاذ مساعد (وهي ترجمة Assistant Professor، التي تعتبر أولى العتبات بالنسبة للدرجات العلمية)، ثم إلى درجة أستاذ مشارك، وهي أيضًا ترجمة Associate Professor، ثم بعد ذلك يترقى إلى أستاذ، بعد أبحاث ونشاط علمي وغيره.
البروفيسورية (Full Professor) تحتاج بالفعل للترجمة الصحيحة والتي تليق بحاملها، ولكن قد ننجح بمحاولتنا إيضاح مدلولها، وبمساعدة القراء الأعزاء ممّن يحملون تلك الألقاب العلمية. فالدكتور عندما يصل إلى الدرجة العلمية Full Pro. يُقال عليه الدكتور فلان أستاذ الاقـتصاد، على سبيل المثال، أو الـدكتور فـلان أسـتاذ جراحــة المـخ والأعـصاب، أو الدكـتور فـلان أسـتاذ عــلم النفس، أو علم الاجتماع، أو الكيمياء، أو الفيزياء... وهكذا، لأن الأصل يُقدَّم دائمًا على الفرع.
المتابع لهذا الترتيب الهجائي يجد أن البعض حصل على هذا اللقب دون مشقة، فتجده بدون مقدمات ارتقى من دكتور أستاذ مساعد إلى دكتور أستاذ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف حصل هذا؟! ونقول إن بعض الذي يُسند له منصب قيادي في الجامعة، ولم يكن حاصلاً على الدرجة العلمية التي يستحق معها لقب الأستاذية، يأخذ لقب أستاذ دكتور بمجرد صدور قرار تعيينه في المنصب القيادي، وهو بذلك يكون قد أُعطي درجة علمية لا يستحقها، لأنه بعد أن يترك ذلك المنصب ويعود كعضو لهيئة التدريس، سوف يستمر في حمله لقب أستاذ، في حين أن زملاءه الذين أجهد عيونهم التعب والسهر من الاطلاع والقراءة والمراجعة، وكتابة البحوث والتقارير العلمية والتحضير للطلاب وخدمة المجتمع... وغيرها، قد حصلوا على الدرجة العلمية بعد جهد جهيد.
وإذا مُنح صاحب المنصب لقب أستاذ كلقب إداري، من باب التقدير والاحترام للمنصب الذي يشغله، أو لأن مُسمَّى الوظيفة يتحتم على شاغلها أن يكون أستاذًا، فلابد أن يزول هذا اللقب (أستاذ) عن صاحبه بانتهاء شغله لذلك المنصب، وإذا عاد كعضو هيئة تدريس فإن عليه أن يبدأ من حيث انتهى قبل حصوله على ذلك المنصب، وحسب درجته العلمية. أمّا الفئة الأخرى التي تحمل لقب أستاذ، إمّا بالتزوير أو من خلال جامعات جدرانها قصيرة، وتخصصاتها مصممة للبلدان النامية، وللمتعطشين لكلمة دكتور فـقط، وليس لديهم بطبيعة الحال القدرات البحثية وغيرها من النشاطات العلمية المطلوبة، هذه الفئة تستعين بمقاولين للبحوث على (العظم) أو على (المفتاح)، مثل مقاولي البناء بالضبط، ومقاولي البحوث هم من يكتبون الأبحاث، وفي العادة هم مَن يسرقون الأبحاث، وخاصة للبـاحثين الذين توفاهم الله، أو الـذين لا يضعون أسـماءهم على مؤلفاتهم من باب الثقة بالآخرين، وأنهم (يمونون على غيرهم) من بلدان أخرى حتى لا ينكشف أمرهم بسهولة. والمخجل أن بعض حملة الدكتوراة من نفس النوعية السابقة يتضافرون مع بعضهم البعض ويضعون أسماءهم مع شخص آخر، وفي العادة من بلد آخر ويضعونه في (وجه المدفع) على ما يُقال كباحث رئيس، وهم باحثون مشاركون، ولكن يأخذون نصيب الأسد، والباحث الرئيس يأخذ مبالغ زهيدة. وتجد أن تلك الفئة من حملة الدكتوراة يحشرون أنوفهم في تخصصات وأبحاث ليس لهم علاقة مباشرة فيها لا من قريب ولا من بعيد، ثم بعد ذلك يأتي من يطبّل لهم وينعتهم بـ"الأستاذ الدكتور" عفوًا "الدكتور الأستاذ".