لا تتاجروا بوجوه الفقراء!

تركى الدخيل
صحيفة عكاظ
في مدينة حائل تداول المغردون صورة لرجلٍ كريم، وضع ثلاجة بجوار منزله، يضع فيها فائض الطعام لمن يحتاجه من الفقراء والمعوزين، يضعه في الثلاجة الباردة المشغلة، ومن ثم يتركها للفقراء يأخذون منها ما يريدون، من دون منة ولا أذى، ومن دون أن يراهم أو يرونه، ومن دون أن يعرفهم أو يعرفونه، هي فعل وبذل، هذا هو «الخير»، هذا هو مفهوم الخير بمعناه الحقيقي.
كثيرون من صناع الخير لا يعرف من يستفيد منهم أسماءهم، يروى أن رجلا من نجد عرف أن عائلة محتاجة ولكنها متعففة، أخذ على عاتقه ولسنواتٍ طويلة وضع أرغفة الخبز مع غروب الشمس على مقبض باب ذلك البيت، لم يعرفه أهل البيت إلا بعد أن توفي وانقطع المدد، هذا هو وجه الخير.
من المؤلم انتشار صور للشباب وهم ينفقون على الآخرين، يصورون مع الفقراء بالمقاهي والمطاعم بعد أن يغدقوا عليهم بالشراء، الفعل جميل، لكن نشر الصورة على «تويتر» لا قيمة له، وليس من صيغ الخير الكاملة المحضة، لننفق حتى لا تعلم شمالنا ما تبذله يميننا، لكن من دون «التشهير» بالفقير المعوز ووضع صورتك معه ومهما كان المقصد حسنا غير أن الفعل ليس جميلا بتاتا ولا يعبر عن كرم النفس، هناك بون شاسع بين فعل الشباب وبين صنيع «كريم حائل»، الذي كتب عنه باللغة الانجليزية أيضا فالخبر أيقظ كوامن الخير والبذل لدى الناس، وهذه هي المبادرة الإيجابية الحقيقية.
من الصعب اكتشاف جميع الفقراء حتى في حيك السكني، أو بنايتك التي تقطنها، ذلك أن الكثيرين منهم أغنياء من «التعفف» وحتى من الصعب أحيانا أن تعرفهم من سحنتهم أو من أشكالهم ذلك أنهم يخجلون ولا يستسهلون مد أيديهم إلى الجميع.
أتمنى أن تتطور مبادرة «كريم حائل» وأن تكون مثالا للناس في الأحياء والمدن، تخيل دائما أن تخمتك هذه لا يجدها ملايين البشار، هناك مليار فقير بالعالم دخلهم أقل من دولار يوميا. أيها الناس افعلوا الخير لعلكم تفلحون.