ظاهرة العقوق

ما من دين سماوي حض على طاعة الوالدين وبرهما وحسن الرعاية لهما حتى تواريهما القبور أكثر من إسلامنا وعقيدتنا السمحة.. القرآن الكريم وأحاديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ حفلت بأنواع الهدى والإرشاد والحث على جميل الرعاية للوالدين، والتحذير من عقوقهما.. فهما من أديا واجبهما تجاه الابن منذ أن كان طفلا وليدا لا يدرك من أمره شيئا.. الوالد يسعى للرزق وإدارة معيشة بيته وتنشئة ابنه وتعليمه وتهيئة مستقبله، بما في ذلك تزويجه والفرح بأحفاده. الوالدة الأم الرؤوم حملته وهنا على وهن، وعانت المصائب والأهوال؛ حتى نهض فتيا كامل الرجولة.. المفروض أن يقابل ذلك كله بالوفاء والولاء ورد الجميل بأفضل منه.. ولا يوفق لهذا إلا من هداه الله للخير. ما نسمع أو نشاهد هذه الأيام من ضروب العقوق وأنواع الفاسدين.. تدعو إلى الدهشة والاستياء.. عشرات "الأربطة" والجمعيات والمشافي تعج بآباء وأمهات عجزة، أهملهم أبناؤهم وبناتهم قصدا وعمدا، دون أن يتحملوا مسؤولياتهم نحوهم كما يأمرهم الدين وتُلزم الأعراف وتُوجب الإنسانية. إنه العقوق في أبشع صوره، بل أحط من ذلك وأسوأ أن يُقدم بعض الأبناء على قتل والده أو والدته كما تنشر وسائل الإعلام بين الفترة والأخرى. أشك أن يفعل ذلك إنسان سوي عاقل.. إلا أن يكون قد أدمن المسكرات والمخدرات، ووصل الى الحضيض من المشاعر والسلوك الإنساني. أتمنى على الجهات ذات العلاقة.. دراسة حالات العقوق، وتشكيل لجان مناصحة؛ لتقويم أداء البنين لوالديهم ومعالجة الأمر بكل ما يستحق من عناية، والزام القادرين منهم بالنفقة والقيام بالواجب، أما من يثبت عجزه ماديا فيكلف بمداومة الزيارة والعشرة الحسنة لوالديه، وليخش الله تعالى من سوء العاقبة إذا أصر على عقوقه واستكباره.


محمد الحميد 2014-05-18 12:27 am
صحيفة الوطن