أزمة في أخلاق التعليم!
أ.د. نجاح أحمد الظهار
صحيفة المدينة
الجمعة 23/05/2014
لعل الكثيرين رأوا المقاطع المؤلمة التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، المقطع الأول يَظهر فيه طلاب مدرسة ابتدائية وهم يُمزِّقون الكتب ويرمون بها على الأرض بكل استهتار، والمفزع في الأمر أنَّه لم يكن عملًا فرديًّا، بل كان عملًا جماعيًا يضم أعدادًا كبيرة من الطلاب، طفقت تمزق الكتب بكل تمرُّد، وتصيح بكل فرحٍ بأن السنة الدراسية قد انتهت، وكأنَّ كابوسًا مخيفًا كان يجثم على قلوبهم، بل كانوا يعتدون على بعض المارة الذين حاولوا ثنيهم عن ذاك العمل.
المقطع الثاني كان لطلاب فيما يبدو أنَّهم في المرحلة المتوسطة، قاموا بتخريب وتكسير نوافذ المدرسة وكراسي الفصل، والسبورة، بكل حقد مكتوم في الصدور وكأننا أمام الفصل الثاني من مسرحية هدم الأخلاق. الفصل الأول بدأ بتمزيق الكتب، مع عبارات الكره للتعليم، من طلاب مرحلة ابتدائية، والفصل الثاني خطوة عملية تتمثل في التخريب الفعلي من طلاب المرحلة المتوسطة، ولا نعلم ماذا سيأتي به الفصل الثالث من المسرحيَّة المؤلمة من طلاب المرحلة الثانوية فما فوق.
هذان المقطعان يجب ألاَّ يقفا عند عبارات الشجب والاستنكار، أو الحزن على أخلاق أبنائنا التعليمية.. إنَّه لمؤشرٌ خطيرٌ على ما وصل إليه التعليم في مدارسنا، بل يجب أن تُشكِّل هذه الحوادث نواة لدراسة جادة تدرس أسباب نفور طلابنا، وحقدهم الدفين على التعليم، لا أن نكتفي بفرض عقوبات صارمة قد تزيدهم حنقًا وحقدًا.
هؤلاء الطلبة يشكلون عَيِّنة صالحة للدراسة، فهي التي سوف ترشدنا إلى مواطن الخلل الفعلية في تعليمنا.
أين الدراسات التطويرية؟ أين الندوات والمؤتمرات التي تُعقد باستمرار، وتُصرف عليها الملايين؟
أهذا هو نتاج التجديد في المناهج؟ أين أولئك الذين يتهمون المناهج القديمة بأنَّها تُربِّي الأجيال على الإرهاب؟ ماذا يقولون في أطفال بدأوا يخربون ويحطمون معاقل التعليم أمام مرأى الجميع؟
المناهج القديمة ربَّت فينا حُب العلم، وغرست في قلوبنا عشق المدرسة، ورسَّخت في أخلاقنا احترام المعلِّم، كُنَّا في القديم نتسابق إلى ترتيب الفصول وتنظيف المدرسة. كنَّا ننتظر بشوق متى يُشرق نور الصباح حتى نجلس على مقاعد الدراسة، أقسى عقاب تُعاقب به من الأهل كان حرمانك من الذهاب للمدرسة لمدة يوم واحد. كنَّا فعلًا نهرب إلى المدرسة، لا نهرب منها.
فهلاَّ استفدنا من مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، وعملنا على تنفيذه بإخلاص وأمانة، ووظَّفنا المليارات الضخمة المرصودة لذلك في الأوجه الفعلية والتنفيذية، ونتخطى مرحلة التنظير التي تستهلك الميزانيات قبل أن تصل إلى مرحلة التنفيذ؟!