كيف تكون ناجحاً؟!

تركى الدخيل
صحيفة عكاظ


حين تدخل إلى مكتبة، تلفت نظرك المؤلفات التي تتعلق بتطوير الذات، أو النجاح، أو قصص الكفاح. وعليها إقبال كبير من الزائرين، من الواضح أن الكل يريد أن يتطور، وأن يتغير وأن يطلق الكامن في ذاته، من طاقات وإبداعات.غير أن النجاح ليس سهلا، الفشل هو السهل، كما أن حسن الخلق ليس سهلا، بل سوؤه أسهل بمليون مرة. كل القيم صعبة، بينما الرذائل سهلة.الكل يعرف كيف يشتم، لكن قلة من يعرفون كيف يشكرون بأدب وتهذيب.يقول الفيلسوف غستون باشلار: «الخطأ معرفة»، ساق هذا في موضوع أصول المعرفة أو تأسيس علم «الأبستمولوجيا»، من دون الخبرة بالأخطاء لن تتكون لديك حصيلة من الأفعال الصائبة، هذا أول مبدأ للنجاح والتفوق.كلنا نذكر أولئك الطلاب النجباء الذين لا يقضون وقتا طويلا في مذاكرة كتبهم لكنهم بارعون في الدراسة والذكاء، أولئك يعلموننا أن الجهد ضروري ولكنه ليس كل شيء. حين تريد أن تحل معادلة فيزيائية أو مسألة رياضية فإن المشكلة ليست في المدة التي تقضيها لحل هذه المعضلة، بل في إيجاد القانون الملائم والمنفذ الصحيح لاختراق المعادلة وحلها. والعجيب أنني رأيت صورة لأحد المشردين في العراق، ممن فقد عقله وأصبح يهيم في الشارع كيف يجلس على الجدار ويأتيه الجيران من أنحاء الحي ليحل لهم المشكلات الرياضية، فهو بارع في الرياضيات وعبقري فيها. الموضوع ذهني وعقلي.في الدراسة والتعلم تحتاج إلى المفاتيح والقوانين، لا إلى التقليد أو الحفظ، فلو حفظت قانونا رياضيا من دون أن تفهمه، فإنك لن تستطيع أن تجيب على أي سؤال!النجاح صيغة ذاتية، وليس طريقا تسيره حذو القذة بالقذة كما ساره ناجح قبلك. لكل بصمته في النجاح، ستيف جوبز نجاحه غير نجاح أينشتاين، ونجاح نيوتن غير نجاح هوكنج، ونجاح كانط غير نجاح نيتشه، والعبرة بالنهايات التي يحصلها الإنسان في مسيرته.في قراءة السير الذاتية -والتي كتبت عنها من قبل- نحتاج إلى الاستلهام، أكثر من التقليد. نحتاج إلى فهم شيفرة النجاح أكثر من حفظ قصص النجاح.

فليصنع كل إنسان بصمته في مسرح هذه الحياة، وليكتب طريقته في النجاح.