محمل الجد!



في العرف الأمني يتم تداول مصطلح "على محمل الجد".. حين التعاطي مع بعض القضايا الأمنية أو تلك المتعلقة بسلامة الآخرين.. فلا يتم تجاهل أي مؤشرات أو بلاغات حساسة..
حينما يأتي اتصال هاتفي يفيد بوجود قنبلة على متن طائرة يتم التعامل مع الأمر "على محمل الجد" ويتم إعادة الطائرة وإنزال الركاب وتفتيش الطائرة! وكذلك الأمر لو ورد اتصال يفيد بوجود قنبلة في مبنى ما، يتم التعامل مع البلاغ فوراً ويؤخذ "على محمل الجد" وتبادر الجهات الأمنية لأخلائه!
هذه احترازات أمنية مطلوبة، ومعمول بها في جميع دول العالم.. أن تستنفر جهودك، وتكتشف أن البلاغ وهمي أفضل بكثير من استهتارك بأرواح الأبرياء!
والتعامل وفقاً لقاعدة "محمل الجد" لا يقتصر على الجهات الأمنية، بل حتى نحن ككتاب نقيم أحيانا وزناً لهذه القاعدة، حينما تأتيك رسالة يهدد صاحبها مثلاً بالانتحار إن لم تتفاعل مع قضيته ليس أمامك - قدر الاستطاعة - سوى هذا "المحمل" لترمي بالقضية فوقه.. والله يشهد رسالة يوم أمس من فتاة لا أعرفها، تهدد بالانتحار لأن والدها يريد تزويجها لمديره في العمل، وتطلب مني "الفزعة"، وليس باستطاعتي عمل شيء!
الذي أود الخلوص إليه في مقال اليوم أن قرار الملحق الثقافي في أميركا الدكتور محمد العيسى بإعادة أحد المبتعثين إلى بلادنا هو قرار صائب يخدم مصلحة الطالب قبل غيره..
الطالب كان "يمزح" مع صديقه عبر "الواتس"، والملحقية تعاملت مع "المزحة" على "محمل الجد"، ولو وصلت صورة المحادثة للسلطات الأميركية ربما سيقضي هذا الطالب سنوات طويلة في السجون. عبارة "معليش كنت أمزح" لا يتم قبولها هناك، ولذا كان تعامل الملحقية وقرارها حكيما وسريعا ويصب في مصلحة الطالب.
قبل سنوات في منفذ عربي مجاور مزح أحدهم مع صديق له أمام موظف الجمارك قائلا "فتشوه زين ترى معاه متفجرات".. دخل الاثنان بعدها في دوامة.. وحينما تم تفكيك السيارة ولم يعثروا على شيء تم نقلهما لجهاز أمن الدولة. قال الأول: "لحظة؛ كنت أمزح".. فقالوا له: "هذا الكلام تقوله أمام المحققين"!
المزح له حدود.. والذي يستهين بهذه المسائل سيدفع ثمن استهتاره يوما ما.


صالح الشيحي 2014-10-16 1:07 am
صحيفة الوطن