قال الله تعالى
وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين ( 10 ) قوم فرعون ألا يتقون ( 11 ) قال رب إني أخاف أن يكذبون ( 12 ) ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ( 13 ) ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ( 14 ) قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون ( 15 ) فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين ( 16 ) أن أرسل معنا بني إسرائيل ( 17 ) قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ( 18 ) وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ( 19 ) قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ( 20 ) ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين ( 21 ) وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ( 22 ) )

ورد في تفسير ابن كثير ( ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين . [ وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ] ) [ أي : أما أنت الذي ربيناه فينا ] ، وفي بيتنا وعلى فراشنا [ وغذيناه ] ، وأنعمنا عليه مدة من السنين ، ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة ، أن قتلت منا رجلا وجحدت نعمتنا عليك; ولهذا قال : ( وأنت من الكافرين ) أي : الجاحدين . قاله ابن عباس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختاره ابن جرير .

( قال فعلتها إذا ) أي : في تلك الحال ، ( وأنا من الضالين ) أي : قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة .

قال ابن عباس ، رضي الله عنهما ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم : ( وأنا من الضالين ) أي : الجاهلين .

قال ابن جريج : وهي كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

في قصص القران معاني تعليمية رائعة تنمي النفس البشرية وتربيها وتهذبها من ذلك ماورد في هذه الاية من حوار بين موسى وفرعون ذلك الطاغية الجبار المتكبر المتعالي على الله حين ذهب اليه موسى ليدعوه لدين الله ودار حوار بينهما جاء فيه اعتراف موسى عليه السلام بخطئه واعتذاره عن ذلك الخطاء وتوبته منه
الشاهد أن الاعتراف بالخطاء والأعتذار صفة اتصف بها انبياء الله ورسله وخاصته وصفوته فضلا عن باقي البشر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابين ))
كل البشر يخطئون في وقت جهل او غضب او وقوع ظلم او تسرع في حكم الخ او لاي سبب كان
لكن قلة هم أولائك الأبطال الذين يملكون الشجاعة والثقة في النفس حتى يعتذرون ويتراجعون عن الخطاء


ما هو الاعتذار:
الاعتذار هو إبداء التأثر لحصول تقصير أو خطأ أو تأخر أو سوء فهم مقصود أو غير مقصود.
و الاعتذار هو إلتزام ... لأنه يحثنا على العمل على تحسين العلاقة وعلى تطوير ذاتنا .
و هوأيضا فن له قواعده، نستطيع أن نتعلمها، وهو ليس مجرد لطافة، بل هو أسلوب تصرف.
باختصار إنه مهارة من مهارات الاتصال الاجتماعية مكون من ثلاث نقاط أساسيه هي:
أولاً: أن تشعر بالندم عما صدر منك.
ثانياً: أن تتحمل المسؤولية.
ثالثاً: أن تكون لديك الرغبة في إصلاح الوضع.
حول اسباب عدم الاعتذار:
1- التنشئة الاجتماعية ورفض فكرة الاعتذار عموماً، فالطفل ينشأ ولم يتعود على الاعتذاركفضيلة فهو لايرى تطبيق عملي لهذه الفضيلة في من حوله.
2- النظر إلى الاعتذار على أنه ضعف، أو أنه سلوك لا ينتج عنه سوى إهدار الكرامة والتقليل منها.
3- الجهل بفضيلة الاعتذار ،و أنها من مكارم الأخلاق.
4-وجود صفة اللامبالاة لدى الشخص المخطئ.
5-الظن بأن الاعتذار أمر غير ضروري.
6-التأثر بعادات الآخرين و البيئة المحيطة،في إهمال الاعتذار.
7-خوف الشخص المخطئ من الحرج، أو التأنيب والسخرية أو ربما معاقبة الآخرين.
8-كثرة الأخطاء وتكرارها تولّد التعود عليها، وعدم الاعتذار منها.
9- عدم إحساسه بحال الطرف الآخر الذي أخطأ في حقه،ولم يعتذر له.
الاعتذار فن له أصول وقواعد أهمها:
•عنصر التوقيت وحسن اختياره هو أول خطوة في فكر الاعتذار. فمن الضروري اختيار الوقت المناسب للاعتذار لمن أخطأنا في حقه، والتفكير في الطريقة التي تناسب الاعتذار بما يتماشى مع شخصية الطرف الذي وقع الخطأ في حقه.
•فكر مليا في أمر الاعتذار، حاول أن تحدد أسلوبه قبل عرضه. فالتفكير العميق يفسح المجال لتقديم عرض عقلاني ومقبول.
•حدد موضوع الخلاف بعناية لا سيما وإن جاء الاعتذار بعد مدة من الزمن، حاول أن لا تتهرب منه بالتناسي.
•اعتمد التعابير الملطفة والإشارات العفوية التي تنم جميعها عن مشاعرك الصادقة في اعتذارك: كأن تنظر إليه/ لا تكرر لازمة من حديثك...
•يجب عدم الاعتذار للشخص الذي أخطأنا في حقه أمام الغير حتى لا نجرح مشاعره.
•تفضيل عدم الاستعانة بشخص ثالث لتسوية الخلاف. ينصح بأن يظل قاصراً على الطرفين المتخاصمين.
•أخيرا ، فعدم الاعتذار ممكن أن يكون مردودة عكسي على المخطئ بأن تكثر أخطاؤه بسبب عدم المبالاة .
فوائد الاعتذار:


•أنه يساعدنا في التغلب على احتقارنا لذاتنا وتأنيب ضميرنا.
•يعيد الاحترام للذين أسأنا إليهم و يجردهم من الشعور بالغضب.
•يفتح باب التواصل الذي أوصدناه.
•هو شفاء الجراح والقلوب المحطمة.
•الأعتراف بالخطأ و الأعتذار قد يكون سببا في نجاحك بأن تكبر في أعين الناس و يزيد حبهم لك بصدقك