مرضى السرطان
أصبح مرضُ السرطان حديثَ العصر، واسمًا يُرعب الكثيرين، وقلقًا يعشعشُ في أفكار العديد من الأطباء والعامّة ومنظّمات الصحة واقتصاديات الدول، فقد انتشرَ في العالم كلِّه بلا استثناء، ولكن حين يُنظر إليه من زاوية دينية مُطَمئنة للنفس ومُرضية لها، فما هو إلا أمر من أمور الدنيا بأمر الله يحدث وبأمر الله يزول، فبالدعاء والعمل الصالح والتقرب من الله تحدثُ المعجزات وتتحقق المستحيلات بإذن الله، وعلى الرغم من هذا فإنّ الأمل غير منقطع من الشفاء، خصوصًا إن تسلّح مرضى السرطان بالأمل والإرداة والدّعاء بالإضافة إلى العلاج الطبّي، وفي هذا المقال سيتم تقديم شرح مبسط حولَ أهمية الدعاء وكيفيته وذكر دعاء لمرضى السرطان وغيره من الأسقام.
دعاء للمريضه…. بالشفاء من مرض السرطان .
آداب الدعاء
قبلَ الحديثِ عن دعاء لمرضى السرطان مخصّص لهم، يجب أن يعيَ القارئ معنى الدعاء وقيمتَه الروحانية وأجره وعظيم فضله في الدنيا والآخرة والمعجزات التي تتحقق ببركته والإلحاح على الخالق -عزّ وجل- به، لذا فيما يأتي بيان موجز لهذه الأمور: 1)
أن يتوجه العبد بدعائه لله -عز وجل- وحده بلا إشراكٍ به، ما هو إلا دليل على إيمانه به ويقينه بقدرته وكرمه وعفوه، لذا يفرح الله -عز وجل- من عبده حين يتوجه إليه مخلصًا سائلًا فضله، يقول الله تعالى: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”. 2)
حُسن الظنّ بالله هو من أعظم الأمور يقول الله تعالى في الحديث القدسي: “أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإٍ ذكرته في ملإٍ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة” 3) فكلما أحسن العبد ظنه بربه وبكرمه وبقربه منه جاءته الاستجابة على قدر ظنه بربه، لذا على المسلم التوجه لله -عز وجل- دون أن يبقي في ذهنه حاجزًا واحدًا، يُكلِّم ربه ويشكو له همه ويدرك عظمة مَن يسأل.
لا بدّ للمسلمِ أن يتأدّبَ في دعائه فلا يدعو الله بقطيعة رحم ولا بإثم، ولا يستأخر إجابة الله لدعائه، فكلُّ شيءٍ عنده بقدرٍ معلوم وكرمه دائمًا يُرضي عباد الله ولو بعدَ حين.
من المُستحسَن أن يبتدئ المسلم ويختتم دعاءه بالحمد والثناء على الله، والصلاة والسلام على نبيّه الكريم.
ومن المحبّب أيضًا أن يدعو الله في أوقات الإجابة ويلحَّ بها، كالوقت بين الأذان والإقامة وحين الإفطار من الصيام وفي الثلث الأخير من الليل.
أن يؤمن بأن ما يُقدَّره الله هو خيرٌ له في الدنيا ولو بعد حين، وإن لم يُستجب دعاؤه فإن له الأجر عليه يوم القيامة إن شاء الله.
دعاء لمرضى السرطان
أما بالحديث عن دعاء لمرضى السرطان على وجه الخصوص فيجب الإشارة إلى عدة أمور، من ذلك أنّ الباحث عن نص دعاء لمرضى السرطان معين من القرآن أو السنة فإنه لن يجد نصًا صريحًا، والعلة بذلك أنه مرض حديث ومصطلح علمي وُضع في السنوات القليلة السالفة، لذا حين يجد الباحث في هذا المجال عن نص الدعاء وقد ذُكر به مرض السرطان ليكن على اعتقاد تامّ بأنه من اجتهاد المسلمين ولم يرد في الكتاب والسنة، أما الأمر الأسلم فهو التوجه إلى تعالى بأدعية الشفاء الواردة في القرآن والكريم والسنة ويدعو بينه وبين ربه ببساطة لغته وتعبيره بلا حواجز ولا قيود إلا ما ذُكر في الأعلى، ومن أدعية الشفاء المثبتة ما يأتي:


“اللهمَّ ربَّ الناسِ أَذْهِبْ الباسَ، اشفه وأنتَ الشَّافي، لا شفاءَ إلا شفَاؤُكَ، شفاءً لا يغادِرُ سَقَمًا”4)، وقد كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يُعوّذ أهله بهذا الدعاء بعد أن يمسح بيده اليمنى، وهو من أمع الدعاء وأصحّه، لهذا هو أفضل دعاء لمرضى السرطان.5)
“بسمِ اللهِ أرقِيكَ من كلِّ شيٍء يُؤذيكَ، من شرِّ كلِّ نفسٍ أو عينِ حاسدٍ، اللهُ يشفيكَ، بسمِ اللهِ أرقيكَ”6)، وقد كان جبريل -عليه السلام- يثرقي الرسول -عليه السلام- بهذا الدّعاء، لهذا يُعدّ أفضل دعاء لمرضى السرطان.7)
كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا حزبه أمرٌ دعا: “اللَّهمَّ احرُسْني بعينِك الَّتي لا تنامُ، واكنُفْني برُكنِك الَّذي لا يُرامُ، وارحَمْني بقُدرتِك عليَّ، فلا أهلكُ، وأنت رجائي، فكم من نعمةٍ أنعمتَ بها عليَّ قلَّ لك بها شكري، وكم من بليَّةٍ ابتليتَني بها قلَّ لك بها صبري، فيا من قلَّ عند نعمتِه شكري فلم يحرِمْني، ويا من قلَّ عند بليَّتِه صبري فلم يخذُلْني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضَحْني، يا ذا المعروفِ الَّذي لا ينقضي أبدًا، ويا ذا النَّعماءِ الَّتي لا تُحصَى عددًا، أسألُك أن تُصلِّيَ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ، وبك أدرأُ في نحورِ الأعداءِ والجبَّارين، اللَّهمَّ أعِنِّي على ديني بالدُّنيا وعلى آخرتي بالتَّقوَى، واحفَظْني فيما غِبتُ عنه ولا تكِلْني إلى نفسي فيما حظرتَه عليَّ، يا من لا تضُرُّه الذُّنوبُ ولا ينقُصُه العفوُ هَبْ لي ما لا ينقصُك، واغفِرْ لي ما لا يضُرُّك ، إنَّك أنت الوهَّابُ، أسألُك فرَجًا قريبًا وصبرًا جميلًا ورزقًا واسعًا والعافيةَ من البلايا وشكرَ العافيةِ وفي روايةٍ : “وأسألُك تمامَ العافيةِ وأسألُك دوامَ العافيةِ، وأسألُك الشُّكرَ على العافيةِ وأسألُك الغنَى عن النَّاسِ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ العليِّ العظيمِ” 8) 9)
الدعاء الوارد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-: كان -عليه السلام- سيضع يده على ما كان يؤلمه من جسده ويقول: بسم الله “ثلاثًا” وقل سبع مرات: “أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر”. 10)
دعاء من القرآن الكريم: سورة الفاتحة أو السبع المثاني هي أعظم سور القرآن الكريم، وقد قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-عنها بأنّها إن قُرئت على المريض كانت سببًا في شفائه، وذلك بقراءتها سبع مرات عليه ورقيته بها، بالإضافة إلى قراءة المعوّذتين وسورة الإخلاص وآية الكرسي. 11)
عبارات لمرضى السرطان
عند رؤية مرضى السرطان أو زيارتهم، لا بدّ من قول العبارات الإيجابية لهم من دعاء وكلمات ترفع من معنوياتهم وتعطيهم الأمل بالشفاء، مع ضرورة تجنّب ذكر القصص المأساوية أمامهم فيما يتعلق بمرضهم، بالإضافة إلى تجنب ذكر ما يُسبب لهم الضيق والحزن أو قول ما يُفقدهم الأمل بالشفاء، ومن العبارات التي من الممكن أن تُقال لهم ما يأتي: 12)
قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ما يُصيب المُسلم، مِن نصبٍ ولا وصبٍ، ولا همٍّ ولا حُزنٍ ولا أذًى ولاغمٍّ، حتى الشَّوكة يُشاكُها، إلا كفَّر اللهُ بِها مِن خطاياهُ. 13)
قال بعض السلف الصالح: لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفاليس، وكان السلف يفرح أحدهم بالبلاء، كما يفرح أحدنا بالرخاء.
قال ابن حجر: علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العقاقير الطبية، وأن تأثير ذلك وانفصال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما ينجح بأمرين: أحدهما من جهة العليل وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي وهو قوة توجهه وقوة قلبه بالتقوى والتوكل.
قال ابن كثير: هذه تذكرة لمن ابتلي في جسده، أو ماله، أو ولده، فله أسوة بنبي الله أيوب؛ حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب، حتى فرج الله عنه.
قال شريح: ما أصابتني مصيبة إلا حمدت الله تعالى عليها لأربع: أن الله رزقني الصبر عليها، وأن الله رزقني الاسترجاع عندها، وأن الله لم يجعلها أكبر منها، وأن الله لم يجعلها في ديني.
فضل الدعاء لمرضى السرطان
الدعاء لمرضى السرطان يُدخل الأمل إلى نفوسهم، ويجعلهم يشعرون بتكاتف الآخرين معهم ويُخفف من معاناتهم، ويزداد لديهم اليقين بالشفاء، لأنّ الأمل معقودٌ دائمًا أنّ الله تعالى سيستجيب هذا الدّعاء، خصوصًا أنّ الدعاء لمرضى السرطان من أهم أسباب شفائهم، وللدّعاء فضل كبير في إدخال الفرح إلى نفوسهم، لهذا يجب الالتزام بالدعاء والإلحاح به للحصول على فضله الكبير، ومن فضل الدعاء ما يأتي:


يُعطيهم الدّافع لزيادة التوكل على الله تعالى: الدعاء يزيد حسن ظنّهم بالله، وأنّ النفع والضرر كلّه بأمر الله تعالى، وهذا بالطبع لا يثغني عن التداوي والعلاج، لأنّ الله يأمر بالأخذ بالأسباب، فالأنبياء عليهم السلام كانوا يدعون الله عند مرضهم ويطلبون منه الشفاء ومنهم: إبراهيم -عليه السلام- الذي ورد في القرآن الكريم على لسانه دعاء: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” 14)، والنبي أيّوب -عليه السلام- عندما اشتدّ به المرض دعا ربّه: “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”15) 16)
يُفرّج عنهم ويُعجّل في شفائهم: الدعاء يُسرع من الشفاء، خصوصًا إن ألحوا في الدّعاء، لأن الله تعالى يحب العبد اللحوح في دعائه، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-“إنَّ اللَّهَ يحبُّ الملحِّينَ في الدُّعاءِ” 17)، لهذا فإنّ الدعاء لمرضى السرطان يُخرجهم من كربتهم ويُخفف عنهم لأنّ الله يُجيب دعوة المضطرين، ومن السنة النبوية أن من ينزل به مرض أو نازلة أن يدعو الله ويُلح في دعائه. 18)