حالة غليان تعيشها الإدارة الأمريكية بسبب توجه العديد من الدول التى تعتبر حليفة لها إلى روسيا خلال الآونة الأخيرة لشراء صواريخ “إس – 400″، حيث يعتبر نظام الدفاع الجوي الروسي من أفضل الأنظمة في العالم.


وتستطيع صواريخ “إس – 400” إسقاط جميع الأهداف الجوية بما فيها الطائرات الشبحية وطائرات الإنذار المبكر الأمريكية، وضرب الطائرات قبل إقلاعها من متن حاملات الطائرات، حيث يستطيع الصاروخ الواحد رصد أهدافه وإسقاطها في مدى يتراوح بين 40 إلى 400 كم، وتنطلق الصواريخ بسرعة 15 ضعف سرعة الصوت.


وتتكون منظومة “إس 400” من 3 أجزء، أولها 8 وحدات مضادة للطائرات مجهزة ب12 منصة إطلاق، والجزء الثاني يضم أنظمة القيادة والتوجيه والرادارات، والجزء الثالث يضم الدعم الفني والصيانة.


ويغطى رادار “إس 400” دائرة قطرها 600 كم، ويمكن إعدادها للإطلاق خلال 5 دقائق، كما أنه لا يحتاج إلا 10 ثوان لإطلاق صواريخه، التي يمكنه إطلاقها بزاوية مقدارها 90 درجة.



وتتتصارع كل من الصين والهند وقطر وتركيا أن تحمي سماءها بتلك الصواريخ، وبعضها تسلم بالفعل الصواريخ، بينما تنتظر دول أخرى الاستلام أو استكمال الاتفاقيات الخاصة بالتسليم.


وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تناشد الدول الأخرى، بموجب قانون مواجهة أعداء أمريكا عبر العقوبات، الإحجام عن شراء الأسلحة خاصة أسلحة الدفاع الجوي من روسيا، وتدعوها إلى شراء الأسلحة الأمريكية.


ولكل دولة قصة طويلة من النزاعات والمجادلات مع روسيا والولايات المتحدة حول منظومة “إس -400″، حيث يرعب نظام الدفاع الصاروخي الروسي واشنطن بشدة، ويشار إلى أن الخوف من صواريخ “إس-400” اضطر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى تعديل عملياته الجوية في الشرق الأوسط.



الصين .. أول من استخدم “إس 400”


تسلمت الصين في العام الماضي، الدفعة الأولى من صواريخ “إس-400” الروسية، وذلك بموجب صفقة أبرمتها مع موسكو سنة 2014، لتكون بكين بذلك العاصمة الأجنبية الأولى التي تحصل على هذه الصواريخ.


وشهدت الصين أول تجربة لمنظومة صواريخ “إس-400” المضادة للطائرات والصواريخ، في ديسمبر من العام الماضي، وكانت التجربة التي أجراها جيش التحرير الشعبي الصيني ناجحة، حيث أصاب صاروخ خاص بمنظومة إس-400 هدفًا بالستيًا يطير بسرعة 3 كيلومترات في الثانية.


وتضمنت التجربة إطلاق صاروخ اعتراضي على الهدف البالستي المراد إسقاطه وتدميره على بعد 250 كيلومترًا تقريبًا، وأكد ذلك الاختبار كفاءتها القتالية وأتاح لقادة القوات المسلحة الصينية أن يعربوا عن تقديرهم لمنظومة الصواريخ المضادة للطائرات هذه.


ودشن هذا التطور مرحلة جديدة في التعاون العسكري بين موسكو وبكين، على رغم تأكيد روسيا أنها لن تزود الصينيين تقنيات صنع النظام الصاروخي المتطور.


وتعتبر الصين أبرز شريك عسكري لروسيا، ويصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى نحو 90 بليون دولار، علمًا بأن الاستثمارات في الصناعات العسكرية المشتركة لا تدخل في هذا الرقم، وعلى الرغم من ذلك، رفضت الأوساط العسكرية الروسية طلبًا صينيًا لمنح بكين ترخيصًا بصنع “أس-400” على أراضيها.



تركيا على وشك خسارة الولايات المتحدة والناتو بسبب “إس 400”


نشبت خلافات حادة بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب قرار أنقرة شراء منظومة الدفاع الصاروخي “إس -400″، التي لا تتوافق مع أنظمة حلف الأطلسي “الناتو”، وحذرت واشنطن من أن المضي قدمًا في هذه الصفقة قد يدفعها لفرض عقوبات واستبعاد تركيا من برنامج المقاتلات “إف-35” التي تسلمها إلى أنقرة.


وتقول تركيا إنها بحاجة للمنظومة إس-400، التي من المقرر أن تتسلمها من روسيا في يوليو المقبل، وفقًا لصفقة عقدتها معها لشراء أربعة أفواج من منظومات الدفاع الجوي طراز “إس- 400″، في ديسمبر عام 2017، لمواجهة مخاطر أمنية محتملة، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مرارًا إنه لن يتراجع عن الصفقة التي وصفها بالمحسومة، على الرغم من تهديدات عديدة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.


وفيما يتعلق بشراء طائرات مقاتلة من طراز “إف 35” من الولايات المتحدة، استلمت تركيا بالفعل 3 طائرات بينما من المفترض أن تصل الرابعة في يوليو المقبل، بحسب أردوغان، ولكن تسببت خطط تركيا شراء أنظمة إس “400” من روسيا توترات مع الولايات المتحدة لم تحسم نتيجتها بعد، إلا أنه لممارسة ضغوط على تركيا، أوقفت الولايات المتحدة تسليم عتاد متعلق بالمقاتلة إف-35 الشبح إلى تركيا، في أول خطوة ملموسة لوقف تسليم الطائرات لأنقرة.


وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمام لجنة في الولايات المتحدة: “لن يتم دمج المنظومة الصاروخية في نظام “الناتو”، ومن ثم نقترح على الولايات المتحدة تشكيل مجموعة عمل فنية للتأكد من أن المنظومة لن تكون خطرًا على طائرات “إف-35″ الأمريكية أو أنظمة الحلف”.


وأضاف جاويش أوغلو: “لم يكن هدفنا دمج المنظومة إس-400 في منظومة الحلف لأنها لاستخدامنا الخاص، وتابع قائلًا إنه ينبغي للإدارة الأمريكية وتركيا أن توضحا للكونجرس الأمريكي السبب الذي دفع تركيا لشراء المنظومة إس-400 الصاروخية من روسيا”.


ومن جانبها، قالت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، إنها لا تفكر في إنشاء مجموعة عمل مع تركيا لحل الخلاف حول شراء أنقرة أنظمة الدفاع الصاروخية الروسية إس 400.


وقال المتحدث باسم البنتاجون، إريك باهون: “مجموعة العمل الفنية في هذه المرحلة ليست ضرورية ولا سبيلًا تفكر فيه الولايات المتحدة كحل للمسألة”.


وفي أنقرة، قال وزير الخارجية التركي، إن صفقة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400 باتت “محسومة” ولا يمكن الغاؤها.


وأطلق نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، تحذيرًا شديد اللهجة لتركيا، في تصريحات خلال حدث خاص بحلف “الناتو” في واشنطن، قائلًا إن عليها أن تختار بين أن تبقى شريكًا في الناتو، أو أن تخاطر بالشراكة من خلال قرارات متهورة.


واعتبر نائب الرئيس الأمريكي، أن شراء تركيا لصواريخ إس 400، يمثل خطرًا على الناتو وقوة تحالفه، مهددًا أنقرة بالقول: “إذا استكملوا صفقة إس 400، فإنهم يجازفون بطردهم من برنامج (إف 35)”.



قطر تشتري S400


في ديسمبر عام 2017، أعلن السفير القطري لدى روسيا، فهد بن محمد العطية، أن بلاده تتطلع لشراء منظومات الدفاع الجوي الروسية “إس 400″، مشيرًا إلى أن مفاوضات يتم إجراؤها بين الطرفين في هذا الشأن، تشمل أيضًا التعاون في التدريب والبحوث والصيانة.


وتم الإعلان عن إمكانية شراء قطر منظومات الدفاع الجوي الصاروخية “إس 400” من روسيا، وبدأت المباحثات حول توريد تلك المنظومات الروسية لقطر في مطلع العام الجاري 2019.


وذكرت صحيفة “روسيسكايا جازيتا” الروسية، أن جهاز الإعلام التابع لهيئة التعاون العسكري التقني المسئولة عن تصدير الأسلحة الروسية، أعلن في 19 فبراير 2019، بدء المباحثات الروسية القطرية المتعلقة بتوريد منظومات “إس-400” لقطر.


وقال الخبير العسكري الروسي، فيكتور مورتاخوفسكي، أنه نظرًا لصغر حجم الجيش القطري فإن صفقات شراء الأسلحة من روسيا، لن يكون لها طابع عملي، بل سياسي، لأن هذه الدولة الغنية يمكنها أن تشتري منظومة صواريخ “إس-400” فقط لاعتبارات تحسين العلاقات مع روسيا.


وأضاف موراخوفسكي: ” الجيش القطري حجمه رمزي بشكل بحت، ولكن هذه الدولة بفضل ثروتها، يمكن أن تشتري لها ما يسمى ب “الفيل الأبيض”، على سبيل المثال، سيشترون كتيبة “إس-400” مقابل 500 مليون دولار.



الهند تجاهلت واشنطن وتنتظر تنفيذ صفقتها مع روسيا


تجاوزت الهند الاعتراضات الأمريكية، ووقعت مع روسيا صفقة شراء منظومات دفاعية “إس-400” تبلغ قيمتها 5.2 مليار دولار، في أكتوبرعام 2018، وذلك خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لنيودلهي.


وقال مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، إن روسيا والهند سيهتمان بالتعاون في المجال العسكري التقني، مضيفًا أنه ستوقع 20 وثيقة في مختلف مجالات التعاون بين البلدين.


وأثارت هذه الصفقة قلق واشنطن، التي أعربت في وقت سابق عن شعورها بخيبة أمل حيال قرار السلطات الهندية شراء نظام صواريخ الدفاع الجوي الروسي “إس – 400″، وألمحت إلى أنها لا تستبعد فرض عقوبات ضدها بموجب قانون “CAATSA” مجابهة معارضي أمريكا بالعقوبات.


وتأمل الهند في الحصول على إعفاء من العقوبات الاقتصادية من واشنطن، علماً أن الولايات المتحدة حريصة على عدم إثارة استياء حليفها الهندي، لأن للقوتين مصلحة مشتركة في التصدي لتصاعد نفوذ الصين في آسيا.


ومن جانبه أعلن رئيس أركان القوات البرية الهندية، بيبين روات، أن بلاده تعرف أن الولايات المتحدة يمكن أن تفرض عقوبات عليها لشرائها أسلحة روسية، لكنها تنتهج رغم ذلك سياسة مستقلة.


وصرح الجنرال روات لصحيفة “نيو إنديان اكسبرس”: “نعم، نحن نفهم أنه قد تكون هناك عقوبات ضدنا، لكننا نطبق سياسة مستقلة، روسيا يجب ألا تشعر بالقلق بسبب تطوير العلاقات بين نيودلهي وواشنطن، أنتم روسيا يمكن أن تكونوا على يقين أنه على الرغم من أننا نحافظ على اتصالات مع أمريكا للحصول على التكنولوجيا، فإننا ننتهج سياسة مستقلة، فبينما نناقش العقوبات، يوقع فلاديمير بوتين وناريندرا مودي على العقد حول شراء مجمعات إس -400 ، على الرغم من حقيقة أنه في المستقبل قد نواجه صعوبات جمة مع أمريكا”.


وتعتبر روسيا والهند من أكبر وأقدم الشركاء في مجال التعاون العسكري التقني، فأكثر من 70% من الأسلحة والمعدات العسكرية المستخدمة في الجيش الهندي والقوات الجوية والبحرية من إنتاج روسي وسوفيتي، وتزود روسيا الهند بمعدات وأسلحة بقيمة عدة مليارات من الدولارات كل عام.


وستكون الهند رابع مشتر خارجي بعد الصين وتركيا وقطر لهذه المنظومات الصاروخية المتطورة التي لا مثيل لها في العالم.
المصدر
موقع الدفاع والتسليح
موقع يهتم بنشر الاخبار العسكرية والامنية والدفاعية و الاخبار ذات الصلة على مستوي العالم ويهدف الموقع بشكل خاص الى نشر ثقافة الفكر العسكري والتسليح والإسهام في ترقية المعلومات العسكرية والتسليحية وكل ما يتعلق بالدفاع والانظمة الحربية اذا كنت بحاجة الى مزيد من المعلومات أو لديك أية اسئله ، لا تتردد فى الاتصال بنا
info@defense-arab.com