العمرة
تُعرّف العُمرة في اللغة القصد والزيارة، أما اصطلاحًا فهي زيارة المسجد الحرام في مكة المكرمة لتأدية مناسك معينة شرعها الله تعالى لعباده، مثل: الإحرام، والسعي بين الصفا والمروة وللطواف حول بيت الله الحرام والتلبية، والحلق أو التقصير، ويؤدي العبد العمرة طلبًا من الله الرضا والغفران والعفو عن كل الذنوب والمعاصي، وتؤدى العمرة في أي وقت من أوقات السنة، وتتشابه العمرة مع الحج إلا أنها لا يوجد فيها وقوف في عرفة ولا ترتبط بوقت أو شهر معين كالحج، ولبيان أهميتها وأجرها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)[١]، أما لمن أداها في رمضان فله أجر أعظم وأكبر يعادل أجر حجة تامة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة) [٢][٣][٤]






دعاء نية العمرة عند الميقات
عرف ابن فارس الوقت بأنه الزمان المعلوم، أما الموقوت فهو الشيء المحدد وقته، لذا يعرف الميقات في اللغة بأنه الوقت المُحدد أو المضروب لفعل أمر معين، أو الموضع المُحدد لفعل أمر محدد، وجمعه مواقيت، أما معناه في الاصطلاح؛ فهو الزمان المُحدد لآداء النُسك وموضع الإحرام له، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)[٥] وعليه فإن آداء العمرة يبدأ بالإحرام من الميقات؛ فيغتسل المُعتمر كغسوله من الجنابة، وللرجل دون المرأة أن يتطيّب في رأسه ولحيته، ولبس الإزار أو الرداء (ملابس الإحرام) ويستحب أن يكونا أبيضين نظيفين بلفه على كتفيه، وإحرام المرأة يكون بملابسها العادية التي تحقق الصفة الشرعية دون تغطية الوجه والكفين والتي لا زينة ولا شهرة فيها، ثم تأدية سنة الإحرام ركعتين فقط، والدعاء بنية العمرة "اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي وتقبلها مني، نويت العمرة وأحرمت بها لله تعالى فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"، يقال الدعاء السابق حين يكون المعتمر مريضًا أو خائفًا من عدم الوصول بسبب العدو، ويمكن الدعاء بقول: "لبيك اللهم عمرة" إذا ما أراد الشخص آداء العمرة فقط، أو بقول: "لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج" إذا ما أراد الحج والعمرة بأفعالهما – التمتع، أو بقول: "لبيك عمرة وحجًا" إذا ما أراد الحج والعمرة بأفعال الحج – القارن.[٦][٧]






كيفية آداء العمرة
فيما يلي خطوات آداء العمرة بالتفصيل:[٧]


الإحرام من الميقات، والدعاء بنية العمرة، ثم التلبية طوال الطريق من مكان الميقات حتى دخول مكة بالقول جهرًا للرجل وسرًا للمرأة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
عند دخول مكة والوصول إلى البيت الحرام، يُكبر المعتمر ويدعو: "اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً وأمنًا، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبِرًا"، ويُراعى دخول المسجد الحرام بالرجل اليُمنى، ثم قول: "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك"، أو "أعوذ بوجهك العظيم وسلطانك القديم من الشيطان الرجيم".
الشروع بالطواف سبع مرات بجعل البيت الحرام إلى يسار المعتمر واستلام الحجر الأسود باليمين، ويحبب تقبيله إن أمكن، ويشترط في الطواف أن يكون الطائف على طهارة من الحدث الأكبر والأصغر، فهو مثل الصلاة إلا أنه رخص فيه الكلام، ويجب أن يراعي الرجل كتفه الأيمن مكشوفة (الاضطباع)، وفي كل مرور بمحاذاة الحجر الأسود يجب قول: "بسم الله، الله أكبر"، كما يدعو المُعتمر بين الركن اليماني والحجر الأسود "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، أما في باقي الطواف فله الدعاء بما يشاء والتضرع وقراءة ما يستحب من القرآن الكريم والتكبير والتهليل وما إلى ذلك، ويستحب الرمل -أي الإسراع في المشي مع تقارب الخطى- في أول ثلاث أشواط وبالأخص للرجل.
التوجه خلف مقام النبي إبراهيم وآداء ركعتي سنة الطواف، ويفضل قراءة سورة الكافرون في الركعة الأولى، وسورة الإخلاص في الثانية.
شُرب ماء زمزم والتوجه لآداء السعي بين الصفا والمروة، وسبعة أشواط يُحسب الذّهاب من الّصفا إلى المروة شوطًا، والرجوع شوطًا آخر.
الصعود على الصفا واستقبال الكعبة ورفع اليدين ثم التكبير والتهليل ثلاثًا بـ "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده".
قراءة الآية الكريمة: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)[٨] في الشوط الأول فقط ثم الشروع بالدعاء بما يحبه المعتمر.
النزول والتوجه إلى المروة والهرولة بين العلمين الأخضرين للرجل فقط وقول: "رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم"، ثم العودة للمشي المعتاد، أما المرأة فلا تسرع .
الصعود على المروة وآداء المناسك ذاتها التي أُديت على الصفا، باستثناء قراءة الآية.
الحلق أو التقصير بعد إنهاء السّعي للرّجل، والتقصير من كل ظفيرة قدر أنملة للمرأة.
خلع الرّجل الرداء ولبس الملابس العادية.




وقت العُمرة
العمرة واجبة في العمر مرة واحدة، وقد دلت العديد من الأحاديث على فضل العمرة والإكثار منها، كما لا يوجد وقت معين لآداء مناسك العمرة، فيجوز آداؤها طوال أيام السنة، وقال بعض أهل العلم أن العمرة مستحبة في شهر رمضان، إذ قال رسول الله لأم معقل حين فاتها الحج: (عُمرة في رمضان تعدل حجَّة)[٩]، كما وقال بعض أهل العلم أنه تستحب العمرة في شهر الحج كما فعل رسول الله، كما وسمح لعائشة أن تؤدي العمرة بعد الإنتهاء من الحج، وأجمع العلماء بجواز آدائها بأي وقت، والأفضل في أشهر الحج؛ لأن الله تعالى خصص هذه الأشهر بالعبادة، والعمرة فهي حج أصغر والله تعالى أعلم.[٦]






شروط والعمرة
توجد شروط أساسية لابد من توافرها في المعتمر وهي: الإسلام والعقل والبلوغ والاستطاعة والحرية، ويعد شرطي الإسلام والعقل من شروط صحة العمرة، كما وتعد شرطًا لصحة الأركان الرئيسية مثل الحج والصلاة والصيام، أما بالنسبة للبلوغ والعتق فهما شرطان للإجزاء، فلو اعتمر الصبي صحت عمرته إلا أنه وجب عليه الاعتمار مرة أخرى بعد البلوغ، أما الاستطاعة فهي شرط للوجوب، إذ يمكن أن تعني الاستطاعة القدرة الجسدية وأمن الطريق، إذ يأمن الشخص على ماله ونفسه، وتعني الاستطاعة وجود المحرم بالنسبة للمرأة، فإن اعتمرت المرأة دون محرم فعمرتها صحيحة إلا أنها آثمة، كما ولا تصح العمرة من مجنون أو كافر.[١٠]