يا شـــبابَ العـــــــربِ هيّــا
نبـــن للأوطــــانِ مَجْـــداً
إنّ للأوطــــــــــانِ حقـــــــــــــــاً
دونَهــــــا الأرواح تفــدى
حديث عن حب الوطن
الرسول ?وحب ?الوطن
عند دراستنا للسيرة النبوية نجد أن رسولنا- صلى الله عليه وسلم- قد أحبّ وطنه مكة المكرمة كما جاء في الحديث عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لمكة: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ» (?أخرجه الترمذي)?، ?كما ?أحب- صلى ?الله ?عليه ?وسلم- ?المدينة ?المنورة، ?فقال- صلى ?الله ?عليه ?وسلم-: (?اللَّهُمَّ ?حَبِّبْ ?إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا ?حَبَّبْتَ ?إِلَيْنا ?مَكَّةَ أوْ ?أَشَدَّ) (?أخرجه البخاري)?، ?فقد ?أحبَّ ?المسلمون ?أوطانهم ?اقتداء ?بنبيهم ?محمد- ?صلى ?الله ?عليه ?وسلم-?الذي ?عَلَّم ?الدنيا ?كلها ?حب ?الأوطان ?والأماكن ?المباركة ?والوفاء ?لمسقط ?الرأس، ?ومن ?المعلوم ?أن ?رسولنا- ?صلى ?الله ?عليه ?وسلم- ?عَلَّم ?البشرية ?كلها ?حب ?الأوطان، ?حيث ?يظهر ?حبه- صلى ?الله ?عليه ?وسلم- ?لوطنه ?مكة ?وحرصه ?على ?البقاء ?فيها ?لا ?يبرحها، ?لولا ?أنه- صلى ?الله ?عليه ?وسلم- ?أُخرج ?منها ?مضطراً ?مرغماً.
أجل فما من الوطن بُدٌّ، وما للإنسان عنه من منصرف أو غنى، في ظلِّه يأتلف الناس، وعلى أرضه يعيش الفكر، وفي حماه تتجمع أسباب الحياة، وما من ريب أن ائتلاف الناس هو الأصل، وسيادة العقل فيهم هي الغاية، ووفرة أسباب العيش هو القصد مما يسعون له ويكدحون، ولكن الوطن هو المهد الذي يترعرع فيه ذلك كله، كالأرض هي المنبت الذي لا بُدَّ منه للقوت والزرع والثمار.
وهل ينسى الإنسان وطنه؟ وهل ينسى الأرض التي وُلد على ثراها وأكل من خيرها وشرب من مائها واستظل بظلِّها؟، وما أحسن ما قال الشاعر:
بلادٌ أَلِفْناهَــــا عَلـــى كُلِّ حَالــــةٍ
وقَدْ يُؤلَفُ الشيءُ الذى ليسَ بالحَسَنْ
وَنَسْتَعذَبُ الأرضَ التِي لاَ هَوا بِها
ولا ماؤُهَا عَــذْبٌ ولكِنَّها وَطَــنْ
فحبُّ الوطن من الإيمان، والعيش فيه مع قسوة الحياة يُعَدُّ نعمة عظيمة لا يعرفها إلا من فقدها.


الدفاع عن الوطن
إنّ حبّ الوطن فطري ولكنه صار شرعياً بتخصيص النبي -صلى الله عليه وسلم– لَهُ في مواطن كثيرة جداً، ومن المعلوم أن من دافع عن وطنه فهو شهيد، ومن قُتل دون وطنه فهو شهيد، كما جاء في الحديث: عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– يَقُولُ: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيد، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) (أخرجه الترمذي).
كما أنّ من تولى وأعرض عن الدفاع عن وطنه فقد ارتكب إثماً عظيماً، لما جاء في الحديث: عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبقَاتِ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ) (أخرجه مسلم).
لذلك فإننا بحاجة إلى العالم، والمعلم، والعامل، والمفكر، القدوة المحبّ لوطنه، والذي يعتز بانتمائه له، ويؤدي واجبه نحوه على أكمل وجه.
فما أحوجنا اليوم إلى تربية الأبناء منذ الصغر على حبّ الوطن كما علمنا ديننا الإسلامي، ويتحقق حبّ الأوطان بغرس الانتماء الإيجابي للوطن، وتقدير خيرات الوطن ومعطياته، والمحافظة على مرافقه ومُكتسباته.
نسأل الله أن يحفظ أوطاننا من كل سوء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.