تكلم كثير من الناس عن موضوع الوطنية وحب الوطن ، ولكن غاب عن بعضهم أن يتكلموا عنه من واقع فهم الناس له، لامن فهم بعيد لايخطر على البال ، فالمفتي إذا أراد أن يفتي في قضية ما عليه أولاً أن يفهم هذه القضية كما هي في واقع الناس ، ثم يتعرف على حكم الله في مثل هذه القضايا ، ثم يطابق بين الأمرين، احاديث عن الوطن يقول ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية ص5 : فههنا نوعان من الفقه لا بد للحاكم منهما، فقه في أحكام الحوادث الكلية ، وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس، يميز به بين الصادق والكاذب والمحق والمبطل ثم يطابق بين هذا وهذا فيعطي الواقع حكمه من الواجب ولا يجعل الواجب مخالفاً للواقع."انتهى .
عندما هاجر الرسول إلى المدينة واستوطنها ألفها وحينها أحب المدينة ودعا الله أن يرزقه حبها فقال (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) فدعا ربه أن يجعل حبه للمدينة كحبه لمكة إذ في مكة مولده ونشأته وفي المدينة منزله ومسكنه وكلاهما وطنه وحبه . فضل الوطن والله سبحانه وتعالى قد نبهنا على فضل الوطن الذي نعيش فيه لأجل عمارة الأرض بعبادة الله عز وجل وحده لا شريك له فذكر الله سبحانه وتعالى في إشارة أن الوطن قرين النفس فكما أن الإنسان يحب نفسه ويخشى عليها من القتل ونحوه هو كذلك يحب وطنه فطرة ويخشى عليه من أي سوء يمسه وتأمل قول الله عز وجل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ولو أنا كتبا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ) النساء 66 .