ملخص كتاب القوة الناعمة

في دراسته هذه، يتناول الباحث خبرة وتجربة صعود نجم الدولة التركية في العلاقات الدولية، وتحولها إلى قطب إقليمي بتوظيف مفردات القوة الناعمة؛ حيث تبدو الدولة التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، في مستهل الألفية الثالثة، حالة بحثية مثيرة للاهتمام على المستوى الأكاديمي التنظيري في المجتمع البحثي، كمادة ثرية للنقاش والجدل العلمي حول مفهوم القوة ومقتربات التنمية الرئيسة التي سادت في المنظومة الدولية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
كما يتعمق الكتاب في جدالات التأثير والتأثر بين موجة ثورات الربيع المنحسرة والصعود التركي، وناقش ما درج بعض الباحثين العرب على تسميته ب "النموذج التركي" Turkey ' s Paradigm، ومدى صلاحية وجدوى ذلك النموذج للتطبيق والاستلهام في واقع البلدان العربية.
يعرج الكتاب على الجدالات العلمية حول ماهية التنمية في تركيا بين مقولات مقاربتي التحديث والتبعية، مع التطرق للتوظيف المعاكس داخليا وخارجيا لخطط حكومة العدالة والتنمية منذ وصولها عام 2002م إلى سدة الحكم.
وسعى حزب أردوغان جاهدا إلى رفع الأداء الاقتصادي والاجتماعي، وبناء مقومات دولة تركية ذات دور ونفوذ إقليمي ودولي طلائعي، عبر التوظيف الإستراتيجي للقوة الناعمة Soft Power، في شبه قطيعة منهجية مع العقيدة الكمالية المعتمدة على وسائل القوة الصلبة Hard Power؛ من خلال الانقلابات العسكرية وهيمنة الجيش على الدولة والمجتمع على حد سواء، باعتباره حامي العلمانية وقيم الجمهورية التركية الحديثة.
إنه بامتياز، الانتقال الهادئ من النموذج التحديثي الذي تقوده الدولة، ويحميه الجيش بناء على أفكار كمال أتاتورك المبنية على النزعة الحداثية العلمانية والثقافية التغريبية بصورة راديكالية، إلى نموذج آخر يجمع بين استحقاقات الديمقراطية الانتخابية والعلمانية المتسامحة غير التدخلية، من جهة، والهوية الوطنية المستندة على جذور حضارية إسلامية من جهة أخرى، مؤطرة بتنمية اقتصادية واجتماعية عملاقة، تحملها العناوين الكبرى لـ"رؤية 2023" الأردوغانية أو ما يسمى "تركيا الجديدة".
يوضح الكتاب خبرة العدالة والتنمية في تركيا التي قادت البلاد إلى نموذج جديد أو طريق ثالث، يجمع بين مقولات التحديث لبلوغ التنمية المجتمعية، وينأى بنفسه عن آثارها السلبية وفقا لمقولات التبعية، مستخدما القوة الناعمة كإطار إجرائي، للصعود بتركيا كقطب إقليمي واعد في العلاقات الدولية.
يطوف الكتاب عبر فصوله التسعة للإجابة عن تساؤلات الكيفية التي وظف بها حزب العدالة والتنمية مفردات القوة الناعمة لتركيا في سياق التفاعلات الدولية والإقليمية للوصول إلى القطبية الإقليمية في الشرق الأوسط، السمات التي طبعتها كخبرة متفردة ونموذج ذي نكهة خاصة باتت ملهمة لكثير من الدول والشعوب، لا سيما في الدول النامية والعالم الإسلامي.
وقد استندت منهجية الكتاب التأسيسية على مقترب هجين يجمع بين اقتراب دراسة الحالة Case Study Approach كمنهج وصفي، واقتراب قياس قوة الدولة Measuring State Power Approach، كمنهج تحليلي، ومن ثم الجمع بين مقولات المدرستين الكمية والكيفية في دراسات القوة؛ الأمر الذي أتاح للكتاب مساحة واسعة للتعاطي الإجرائي مع دراسات القوة بأوجهها المختلفة؛ الصلبة، الناعمة، والذكية.
وعلى الصعيد العملي، يخلص الكتاب إلى أن قوة الدولة ليست معطى ثابتا، وليست مفهوما جامدا، لكنها مفهوم ديناميكي يتمركز حول محددين رئيسين؛ هما: حيازة مصادر القوة، والقدرة على إدارة وتوظيف تلك المصادر؛ الأمر الذي يعني في الأخير أن حيازة أي من مصادر القوة لا يكتسب وزنا وتأثيرا بمجرد وجوده وامتلاكه، فحسب، وإنما يرتبط هذا الوزن والتأثير بالتدخل وإدارة ذلك المصدر وتحويله إلى سلوك فعال على الصعيد الدولي.
واتساقا مع إستراتيجية القوة الناعمة كمحفز رئيس للصعود التركي الراهن، يتعمق الكتاب في تشريح مفهوم "القوة الناعمة"؛ ذلك المصطلح الذي ظهر في بداية تسعينيات القرن الماضي على يد جوزيف ناي، عميد مؤسسة كيندي للدراسات الحكومية بجامعة هارفارد، ورئيس مجلس المخابرات الوطني ومساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، باعتبارها قدرة دولة معينة على التأثير في دول أخرى وتوجيه خياراتها العامة، وذلك استنادا إلى جاذبية نظامها الاجتماعي والثقافي ومنظومة قيمها ومؤسساتها، بدلا من الاعتماد على الإكراه أو التهديد.

كما يناقش الكتاب ولادة مفهوم ثالث من رحم مفهومي القوة الصلبة والقوة الناعمة، وهو "القوة الذكية"، وتناول مفهوم تحول القوة في العلاقات الدولية؛ باعتباره يشير إلى فقدان دولة مهيمنة لموقعها القيادي لصالح قادم جديد سريع التنامي؛ حيث يتعين على هذا القادم الجديد أن يحصل على مصادر للقوة أكبر مما لدى الدولة المهيمنة أو على الأقل يحدث تعادلا مع المقدرات القومية للدولة القائد الآفلة، ولعل هذا هو حال القوة التركية التي صعدت على الصعيد الإقليمي بشكل سريع متنام بتوظيف القوة الناعمة بذكاء وتقليص مساحة القوة الصلبة التي لم تؤت ثمارها في حقبة تركيا الكمالية.
وعلى صعيد توازن القوى؛ ذلك المفهوم القادم من أعماق حقبة الحرب الباردة، والعالم ثنائي القطبية، يخلص الكتاب إلى أن ميزان القوى بات اليوم مختلفا عن ذي قبل، من الناحية النظرية والتطبيقية، بدخول مفهوم القوة الناعمة وأخواته من التفريعات المفاهيمية الجديدة التي ألقت بظلالها على حقل السياسات الدولية، مشيرا إلى أن القوة الناعمة باتت مصدرا من مصادر التغيير على المستوى المحلي والدولي، لا سيما مع كونها لم تعد حكرا على الدول المتقدمة، فحسب، بل إنها خرجت عن السيطرة الحكومية لتصير شأنا شعبيا خالصا في حالات كثيرة.
كما يحلل الكتاب مفردات القوة الناعمة في الخبرة التركية، مشرحا إياها إلى جملة من الإستراتيجيات تمس جوانب ناعمة-ناعمة، وأخرى ناعمة-صلبة، وثالثة صلبة-ناعمة؛ من خلال التوظيف الإستراتيجي للاستقرار الداخلي والصعود الاقتصادي والحوكمة والحكم الرشيد كعوامل جذب وقبول داخلي للنخبة الحاكمة الجديدة من جهة، ونموذج جذب على الصعيد الخارجي شعبويا ورسميا بشكل فعال من جهة أخرى.
وبجانب ذلك، يسهب الكتاب في شرح وتحليل مرتكزات السياحة، والفنون، والآداب، والدبلوماسية الإغاثية، والشراكة الخيرية، والعوامل المناخية، والجغرافية المتفردة، والإرث الحضاري، والجوانب القيمية التاريخية، كعوامل رئيسة في خبرة القوة الناعمة التركية، لا سيما مع إلقاء الكتاب الضوء على خبرات أخرى تطبيقية للقوة الناعمة حول العالم، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
ولم يغفل الكتاب إفراد جزء من نقاشاته حول القوة الذكية، وموقف الخبرة التركية منها، وما إذا كانت قد استفادت من الخبرة الأمريكية التي تعد الحقل التطبيقي الأبرز لهذا المفهوم الجديد على صعيد العلاقات الدولية، لا سيما خلال حقبة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي اعتمد مقولات القوة الذكية في العلاقات الدولية بشكل رئيس.
يحلل الكتاب دروس الانقلاب الفاشل على حكومة العدالة والتنمية منتصف عام 2016م، وما تبعه من استحقاقات تطبيقية مست النموذج الناعم للقوة التركية محضرة إياها نحو أبعاد تطبيقية خشنة، ومدى تأثير ذلك على النموذج ونتائجه الإيجابية على مدى السنوات الـ 15 الماضية.
ويخلص الكتاب إلى أن ما يمكن وصفه بـ"تخشين" القوة الناعمة التركية الناجم عن تأثير الثورات العربية وعسكرتها، وخاصة في سوريا، وكذلك الناجم عن تأثيرات المحاولة الانقلابية الفاشلة، لا يعد انحرافا عن نموذج القوة الناعمة التركية، بل إنه تأكيد على طبيعتها ونكهتها الخاصة والمميزة؛ من خلال تأكيد الكتاب على أن مظاهر هذا الانحراف لن تستمر طويلا، وأن الطبعة الناعمة للقوة التركية سرعان ما ستعود إلى سيرتها الأولى، وخاصة بعد التجربة الشعبية التي عاشها الأتراك خلال المحاولة الانقلابية وما تلاها.
ويذهب الكتاب إلى أن خبرة المحاولة الانقلابية في حد ذاتها تمثل دليلا على نجاح إستراتيجية الصعود التركي الناعم إقليميا ودوليا، بما ألجأ مناوئي تلك الخبرة إلى أدوات القوة الصلبة في محاولة لإجهاضها والنيل منها، وهو ما لم يتحقق، ما يعني في الأخير شهادة تحصين قوية للخبرة التركية الناعمة لتطبيقات القوة تحت حكم العدالة والتنمية.
يقدم الكتاب قراءة جديدة للاقتصاد التركي في ظل العدالة والتنمية؛ من خلال رؤية تعتبر الاقتصاد هو المدخل الجذاب للقوة التركية الناعمة، باعتباره قاطرة قادت الصعود التركي الناعم خارجيا وداخليا، ومن ثم أضحى الاقتصاد وفقا لهذه القراءة نتيجة وسببا، فهو نتاج للقوة الناعمة من جهة، وقائد لتفعيل القوة الناعمة من جهة أخرى.
وفي النهاية، كان من المنطقي أن يجنح الكتاب باتجاه المستقبل، ليقدم قراءة حول مستقبل القوة الناعمة التركية من خلال تشريح مقولات إستراتيجية 2023 التنموية، وموقع القوة الناعمة منها على كافة الأصعدة والمجالات.
ويعتبر الكتاب أنه على الرغم من المخاطر الإقليمية والعالمية، التي قد تعرقل نجاح رؤية 2023، بل وتحاصر تطبيقاتها الواعدة بشتى العوائق والمآزق، فإن نجاح النموذج التركي بصيغة "القوة الناعمة" يمثل ارتقاء سريعا في الاقتصاد والسياسة والثقافة، والممارسة الديمقراطية، والحد من نفوذ العسكر والحرس العلماني القديم المتحجر، ثم المصالحة مع الذات والانفتاح على المحيط.
وأيضا التوفيق بين المذهبيات والقوميات، وأخيرا دعم الرأسمالية الوطنية في بلد يملك إمكانات هائلة، كانت موقوفة لعشرات السنين؛ كل ذلك يمثل دعامة مهمة لإستراتيجية 2023 التي توصل قوة تركيا الناعمة دوليا بعد أن دشتنها إقليميا على مدى سنوات حكم العدالة والتنمية.

لقراءة الكتاب وتحميله بنسخه PDF اظغط علي الرابط التالي

الاقتصاد التركي.
الاقتصاد السوري.
الركود.
التضخم.
الكساد.
دورة حياة المنتج.
القيمة المضافة.
الطلب.
العرض.
مرونة الطلب السعرية.
مرونة العرض السعرية.
توازن السوق.
سلوك المستهلك.
تجزئة السوق.
نقطة التعادل.
الموازنة السورية.
الديون الخارجية التركية.
مخزون تركيا من الذهب.
الليرة التركية.
الليرة السوية.
مقاطعة المنتجات الفرنسية.
مقاطعة المنتجات السورية.
تأثير قلم الحمرة.
القيمة والسعر.
الفائدة الصفرية.
طباعة النقود.
البنك المركزي.
الفائدة مرآة الاقتصاد.
صندوق النقد الدولي وأزمة لبنان.
تفجير بيروت اقتصاديًّا.
التسويق وخلق الحاجات.
التمويل بالعجز.
أسباب فشل المشاريع الجديدة.
تبييض الأموال.
النظام الضريبي.
التهرب والتجنب الضريبي.
رأس المال العامل.
رأس المال الثابت.
الاكتشافات الغازية في شرق المتوسط.
الشركات العابرة للقارات.
اتفاقية لوزان.
سر نجاح مكتبة جرير.
صراع الغاز في شرق المتوسط.
كتاب نظام التفاهة.
تكلفة اكتساب عميل جديد.
العلاقة بين التحليل الاقتصادي والتحليل السياسي.
الاقتصاد السياسي.
الصراع الأرميني الآذري اقتصاديًّا.
الصراعات التجارية.
تذبذب الليرة السورية.
الدوافع الاقتصادية للحروب.
التنمر العنصري ضد السوريين.
التمكين الاقتصادي.
التمكين الاقتصادي للاجئين السوريين.
ثروة سوريا الغازية في البحر المتوسط.
الخسائر الاقتصادية للأزمة السورية.
الاقتصاد الإسلامي.
الشركات ومقاومة التغيير.
علاقة الذهب بالدولار.
العملات الرقمية.
البيتكوين.
الأسواق المالية.
دمج واستحواذ الشركات.
مؤتمر اللاجئين السوريين.
أفق الحكم الذاتي في درعا.
أسباب تراجع الاستثمار في الكتب.
الاستثمار في العملات الرقمية.
الاقتصاد الإسلامي في عيون الغرب.
كتاب نهب الفقراء.
المنظمات الإنسانية والتغيير الديمغرافي.
الحكم الشرعي للنقود الإلكترونية.
قاعدة الذهب.
تقرير التمويل والتنمية.
تقرير منظمة اليونيسف.
تفادي ضياع جيل كورونا.
البضائع الإيرانية في الشمال السوري.
أزمة اللاجئين السوريين.
الشمال السوري منطقة حرة.
الشمال السوري.
الأمن الغذائي في سوريا.
سعر الفائدة التركي.
احتكار المحروقات في الشمال السوري.
اقتصاد الهجرة.
موقع نومبيو.
موقع "NUMBEO".
صراع أنابيب الغاز في سوريا.
الاحتياجات التركية من الغاز.
أثر اللجوء السوري اقتصاديًّا.
اللجوء السوري اقتصاد ألمانيا.
اللجوء السوري اقتصاد تركيا.
التسويق الهرمي.
التسويق الشبكي.
مصادر ربح البنك المركزي.
القطاع العام السوري مؤسسة تطوعية.
الليرة التركية في الشمال السوري.
تباين سعر صرف الليرة السورية.
زهرة التوليب والاقتصاد.