عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، قَالَ : مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ : لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ ، وَلاَ جِلْدَ مُخَبَّأَةٍفَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ : أَدْرِكْ سَهْلاً صَرِيعًا ، قَالَ مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ ، قَالَ : عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ، إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ ، فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ ، فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ، وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ.قَالَ سُفْيَانُ : قَالَ مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْفَأَ الإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ. صحيح ابن ماجة
ولا جلد مخبأة : في النهاية المخبأة الجارية التي في خدرها. وَكَانَ سهل رَجُلا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ .
لبط به : أي صرع وسقط إلى الأرض
في هذا الحديث يصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الحسد بالقتل فلم يقل علام يصرع الرجل اخاه او يتسبب في مرضه أو غير ذلك بل قال علام يقتل أحدكم أخاه أي لأي شيء يكون المسلم سبب قتل اخيه المسلم
القتل لايكون إلا من نفس شريرة وشخص يحمل في داخل شر للقاتل فيتسبب في قتله وكذا الحسد فهو يصدر من نفس شريرة يقول الله عز وجل : " ومن شر حاسد إذا حسد "
والحسد سبب في أول معصية يعصى بها الله عز وجل قال تعالى : "قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا )(65)

فسبب المعصية هنا هو كبر أبليس وتعاليه لشر في نفسه وحسد لآدم عليه السلام
فهو توعد بهلاك بني ادم بسبب حسده لهم وتكبره
وبسبب الحسد قتل ربع اهل الأرض قال تعالى : " ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ( 27 ) )
إذا القتل لا يكون بألة القتل أو اداته وازهاق الأرواح واراقة الدماء بل يمكن ان يحصل كل هذا بسبب نظرة .. نسأل الله السلامة لنا ولكم وللمسلمين
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى : " أكثر من يموت من أمتي بسبب العين فدل على أن العين قد تقتل من تصيبه وتهلكه
يقول الله تعالى:** وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين {

يقول ابن كثير : قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما "ليزلقونك" لينفذونك "بأبصارهم" أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم . وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.

ويقول سبحانه تعالى : ** وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [البقرة :109] ويقول تعالى:**أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مّلْكاً عَظِيماً{[النساء:54] ، ويقول تعالى : **وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{ .



الحسد آفة القلوب ونار تأكل الحسنات وعمى البصائر والبصيرات
الحسد حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بأجتنابه وأصدر حكما بتحريمه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه رواه مسلم
وكلها أمراض تصيب القلوب اوتذهب العقول وتضعف الإيمان وتزيغ الأبصار
من أركان الإيمان أن تؤمن بالقدر خيره وشره فمن لم يرضى بقضاء الله عليه وقدره فقد نقص أيمانه ومن تعدى فوق ذلك فذهب يحسد الناس على ما أتاهم الله من فضل ويتمنى زوال النعم عن من أنعم الله عليهم وفضلهم عليه فقد ارتكب محرما فهو كمن يتهم الله بالظلم سبحانه وتعالى عن ذلك علو كثيرا
ولسان حاله يقول أن هذا الشخص لا يستحق ماهو فيه وأنا اولى منه وخير منه
والعاقل اللبيب لا يمكن أن يحسد اخاه المسلم لأنه مدرك بأن الدنيا إلى زوال وفناء ولا يبقى فيها خير او شر قليل أو كثير
وقوي البصيرة يعلم بما فتح الله عليه من علم أن الله ليس بظلام للعبيد ولو كان في متاع الدنيا خير لوهبها الله للأنبياء والمرسلين ولصفوة الخلق أجمعين بل هي لا تساوي عند الله جناح باعوضه ولو كان في الدنيا خيرا لما اسقى الله الكافر فيها شربة ماء
بحث العلماء كثيرا في ماهية الحسد وكيف يمكن للإنسان أن يصيب أخاه بنظرة فعلل بعضهم ذلك بقولهم أن النظرة من نفس شريرة وحاسدة يتسبب في اطلاق اشعة خفية من عين الحاسد إلى جسد المحسود فتصيبه بضرر ولكن البعض ضعف هذا القول وعلل ذلك بأن العين والحسد قد تحصل من الأعمى
والله أعلم