بيني وبين عباءتي!
أتذكر تماماً موقفي في اليوم الذي ألزمني فيه والدي - حفظه الله - بارتداء العباءة وتغطية وجهي بالكامل. كنتُ حينها في الثانية عشرة من عمري تقريباً، وكنتُ متذمرة جداً من ارتدائها؛ لشعوري بأن تلك (العباءة) ما هي إلا قيد وتكبيل؛ فهي لم تكن في نظري سوى قطعة فضفاضة من القماش الأسود، أُريْدَ به مزيداً من التضييق علينا.

وكنت أتحجج في كل مرة أرتدي فيها غطاء الوجه بأنه يضايق أنفاسي. علماً بأنني لم أكن أعاني - ولله الحمد - حالة ربو أو التهاباً في الشُّعَب الهوائية، إنما كان مجرد تمرُّد من طفلة كانت تجهل قيمة هذه القطعة، وظل ذلك "الموّال" إلى أن اعتدت عليها، وكانت (مجرد عادة)، كنتُ أتمنى وأنتظر بفارغ الصبر أن تتلاشى كما تلاشت عادات كثيرة.

وبعد مرور سنة.. سنتين.. ازداد حنقي عليها؛ إذ كنت شغوفة في التسعينيات بقراءة تاريخ تسلسل نزع الحجاب في مصر، ومعجبة بتمرد هدى شعراوي وموقفها البطولي والجريء.

ومرّت السنوات إلى أن استمعتُ مصادفة إلى كلمات مضيئة من أحد الدعاة والمفكرين الإسلاميين وأنا في المرحلة الثانوية وقتها، يقول فيها: "إنما أنتِ بحجابك دعوة".

ظللتُ حينها أتأمل تلك الجملة كثيراً، بعدها بدأت أشعر بمدى المسؤولية الملقاة على عاتقي؛ كوني مُسْلمة قبل أن أكون سعودية..

ومن يومها بدأت علاقة جديدة بيني وبين عباءتي!! أصبحتُ أعتبرها هوية ورمزاً ومصدر عز وستر إذا ارتُدِيت عن اقتناع تام وثقة بأنها ليست مجرد قطعة من القماش الأسود أرتديها فقط؛ لأن المجتمع يريد مني ذلك، ويرغمني به، إنما هي أبعد من ذلك؛ هي الهوية التي ينتظر أعداء الإسلام منا نزعها؛ لأنها ترهبهم!! فتلك القطعة لن تمنعكِ من أن تكوني امرأة متميزة ومبدعة.

وفعلاً تحوّلتْ يومها تلك العباءة إلى رمزٍ، ليس للسترِ فقط، بل لونها الأسود أكثر إثارة وجاذبية وغموضاً. وبالنسبة لمن يعتقد أنها قيد وحاجز للتقدم، سواء كان في مجال الدراسة أو العمل أو حتى في السفر، أقول له: إن المرأة القوية والواثقة بنفسها والمعتزة بقيمها تفرض نفسها في كل مجال وتحت أي ظرف بلباسها الساتر والتقليدي. ولمحاربي العباءة ولمن يصفونها بأسوأ الألقاب أقول: "لن نخلع عباءة العز".


نجلاء جوهر الجوهر
تابعوا هذا الفلاش
[flash=http://www.saaid.net/flash/hijab.swf]width=350 height=400[/flash]