بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

لقد بث الله سبحانه وتعالى في هذا الكون من الآيات الباهرات الدالة عليه سبحانه وتعالى ما يعجز العقل البشري على أن يحصى عددها، أو يحيط بجملتها. وقد وجه الله عز وجل عباده إلى التفكر والتدبر في هذه الآيات العظيمة، فقال:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة:164]، ويقول سبحانه وتعالى آمراً الناس بالنظر في الكون بعين التفكر والتبصر:{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 101]،في هذا التوجيه العظيم "يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلائه وما خلق الله في السماوات والأرض من الآيات الباهرة لذوي الألباب، مما في السماوات من كواكب نيرات، ثوابت وسيارات، والشمس والقمر والليل والنهار"، فهذه الآيات والآثار هي الطريق الصحيح بعد القرآن والسنة لمعرفة الله عز وجل، وإدراك عظمته وقدرته، ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا من خلال العقل والفكر والعلم؛ إذ بها جميعاً يدرك الإنسان الخالق جل جلاله، فوجود الحكمة في المخلوقات، دليل على أن الذي خلقها حكيم، كما أن وجود الإعجاز فيها دليل على أن الذي أوجدها قادر، وهكذا يجد المتفكر المتبصر، يد الله عز وجل، ولطفه، وعظمته، قد ارتسمت على كل شيء خلقه وأوجده في هذا الكون، من الأجرام السماوية العظيمة، إلى الميكروبات الصغيرة الدقيقة، كل ذلك لله فيه حكمة وإبداع.
ويجب نترك العنان في التفكير والنظر في هذه العجائب، والغرائب من المخلوقات، في كل شيء خلقه الله عز وجل، ملاحظاً عدم التعرض إلى عالم الغيب بشيء من التكييف، أو التشبيه، أو التمثيل، و أن "العقل لا يستطيع أن يحكم، ولا يصح حكمه إلا في الأمور المادية المحدودة. أما ما وراءها أي عالم الغيب، فلا حكم للعقل عليه". وكذلك يجب ان نعلم أن هذا من وساوس الشيطان ومكره بالإنسان، وأن النهي قد ورد عن رسول الله r بعدم الاسترسال مع هذا النوع من الوساوس فقال يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته). وهذه المسألة يجب الانتباه لها

((وهذا الموضوع ليس للاطلاع والمعرفة فقط بل هو هي عبادة عظمى استجابة لإمره عزوجل ..انظروا ..افلا ينظرون..))