بسم الله الرحمن الرحيم

المحافظة على الصلاة

من صفات المؤمنين المحافظة على الصلاة:
إن من صفات المؤمنين الظاهرة: ( المحافظة على الصلاة) وقد جعل الله -سبحانه- المحافظة على الصلاة من أسباب نيل الفردوس فقال -تعالى-: " وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " .

وقد استثنى الله في سورة المعارج المصلين من الهلعين الجزعين المانعين للخير، فقال سبحانه: " إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ " .

ثم ختم أوصافهم بالمحافظة على الصلاة ووعدهم على ذلك الإكرام في الجنات، فقال سبحانه: "وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ".

ومن أجل ذلك أمر الله بالمحافظة عليها في قوله: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى " وذم وتوعد من لم يحافظ عليها في قوله: " فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا " .

وقال -تعالى-: "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ " .

وقال -تعالى- في ذم المنافقين … "وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ " .

وقال أيضًا فيهم: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى " .

فهذه الآيات كلها تتوعد من أضاع الصلاة، واتبع الشهوات، وتهدده بالغي وبالويل، وتبين أن إضاعتها، والتكاسل عنها من صفات المنافقين لا المؤمنين وصرحت الآيات أن من صفات المؤمنين المحافظة عليها وإدامتها وإقامتها والخشوع فيها، ولكن ما المراد بالمحافظة على الصلاة؟

المحافظة عليها تشمل إتمام أركانها وشروطها وسنتها، وتشمل فعلها في أوقاتها في الجماعات في المساجد.

وقد فسر بعض السلف المحافظة على الصلاة بالمحافظة على الأوقات، أي: المواظبة عليها في مواقيتها، وهذا تفسير للكل بالبعض؛ إذ أن المحافظة على الصلاة تشمل مراعات أوقاتها، وتشمل إتمام أركانها وشروطها، وتشمل مراعات الجماعات في المساجد، وقد وردت أدلة فضل المواظبة على الصلاة في مواقيتها.

من ذلك ما ورد في الصحيح عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها الحديث.

كما وردت أدلة كثيرة في الترهيب من تأخير الصلاة عن وقتها؛ من ذلك ما ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الذي تفوته صلاة العصر، كأنما وتر أهله وماله .

ومن ذلك قوله -تعالى-: "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ " وقد فسر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السهو عنها بأنه تأخيرها عن وقتها، كما ثبت ذلك عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، وفيه حديث مرفوع.

وقد وردت أدلة في الترهيب من تأخيرها عن وقتها، ومن ذلك قوله -تعالى-: "فخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا " وقد فسّر بعض السلف إضاعتها بتفويت وقتها، والتحقيق أن إضاعتها يشمل تأخير وقتها ويشمل تركها بالكلية، ويشمل ترك واجباتها وأركانها.

والله -سبحانه- قد جعل لكل صلاة وقتًا محدود الأول والآخر، ولم يأذن في فعلها قبل دخول وقتها ولا بعد خروج وقتها، والصلاة في الوقت واجبة على كل حال، حتى أنه يترك جميع الواجبات والشروط لأجل الوقت، فإذا عجز عن الوضوء، أو استقبال القبلة، أو طهارة الثوب والبدن، أو ستر العورة، أو قراءة الفاتحة، أو القيام في الوقت، وأمكنه أن يصلي بعد الوقت بهذه الأمور، فصلاته في الوقت بدونها هي التي شرعها الله وأوجبها.

وليس له أن يؤخر الصلاة بعد الوقت لأجل أن توجد هذه الشروط والأركان، فعلم بهذا أن الوقت مقدم عند الله ورسوله على جميع الواجبات، وهو داخل في المحافظة على الصلاة.

بقلم فضيلة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي .