[frame="5 80"]
إلى كل مخلوق ضعيف مسكين ...
إلى كل من غره زيف الحياة وبهرجها ... حتى ظن نفسه منفردا في هذا الوجود
فليتفكر في مبدأ وجوده ومنتهاه ...
فأصله من الطين ، وخلق من ماء مهين ، ومنتهاه تحت الثرى دفين !!
ترك كل المثل العليا وجعل من إبليس وفرعون وقارون مُثلا له !!
فماذا فعل إبليس اللعين ؟؟ وإلى أي مدى أرداه كبره وغروره ؟؟
أمره الله بالسجود لآدم..
فأبى استكبارا وعتوا وحماقة..
وقال بلسان الغبي: (أنا خير منه..)..!!
فكان الجواب : ( فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين )
فكان جزاؤه الخزي والوبال
ثم فرعون الأحمق ... ماذا فعل عندما استخف قومه ..؟؟
تكبر وتجبر وتعالى وقال بلسان الأحمق المسكين :
( يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين ) !!
هكذا عندما يطغى الكبر على العقل حتى يكسوه بالسذاجة
فماذا كان مصير هذا الأحمق ؟؟ ... مصيره الإغراق وإلقامه الطين من قِبل جبريل الأمين ..
قال الله عز وجل: ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين * آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ))
فانظر كيف أخزاه الله على تيهه وغطرسته واستكباره ..
ثم قارون ماذا قال عندما دعي للإيمان..؟؟
(( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ))
فقال: (( إنما أوتيته على علم عندي ))
فتكبر وتجبر ... فماذا كان الجزاء ؟؟
(( فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ))
هؤلاء هم أئمة كل متكبر على وجه الأرض وفي كل زمان ومكان ..
فإبليس اللعين قال: ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )
فسارت نهجا لكل متكبر أحمق إبليسي
فلا تجده إلا ويكثر من قول: أنا فعلت, وأنا تركت, وأنا من صفتي ....
وفرعون قال: (يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون)
فحفظها كل متغطرس فرعوني..
فنجده دائما يدندن: لي كذا , إليس لي كذا ....
وقارون قال: ( إنما أوتيته على علم عندي )
فرددها كل غبي قاروني ..
فلا نجده إلا مكثرا من قول : عندي وعندي وعندي ...
فهؤلاء هم أئمة وأسوة كل متكبر إبليسي فرعوني قاروني ....


وأقول لكل متكبر ومغرور ...
ماذا تحمل في جوفك؟
هل هو المسك أم ماذا ؟؟!!
ماذا تخرج من بطنك في الخلاء ؟؟
هل هو الزعفران أم ماذا ؟؟!!
ماذا تتبول ؟؟
هل هو ماء الورد أم ماذا ؟؟!!
وماذا تخرج من فمك إذا تقيأت ؟؟
هل هو العنبر أم ماذا ؟؟!!
أم أي نوع من البخور تبعثه من فمك بعد الاستيقاظ من النوم ؟؟
هل هو العود أم ماذا ؟؟!!

هذه أسئلة أوجهها إلى كل متكبر ليتفكر في حال نفسه ...!!
ليعلم هل هو مميز علينا بواحدة منها أم ماذا ؟؟
فإذا كان الجواب بـ نعم ..
فقد حكم على نفسه بالخرق ..!!
وإذا كان الجواب بـ لا ..
فرحم الله امرئ عرف قدر نفسه ..!!

وليعلم كل متكبر..
بأن الحمق لازم الكبر في حق المخلوق !!
فكل متكبر أحمق .. ولكن ليس كل أحمق متكبر !!
وهذا ما يجعل من الأحمق أفضل من المتكبر من هذا الوجه ..
قال ابن الجوزي: " والمتكبر أحمق لأنه ما من شيء يتكبر به إلا و لغيره أكثر منه "
وقال الشاعر:
قولا لأحمق يلوي التيه أخدعه *** لو كنت تعلم ما في التيه لم تتهِ
التيه مفسـدة للديـن منقصـة *** للعقل مهلكة للعـرض فانتبـهِ
ووالله إنا في كل يوم نزداد عجبا من المتكبر .. فصفات الغباء كلها فيه !!
فدائما نجد المتكبر يظن نفسه أنه أفضل من غيره..
وهذا غباء في حد ذاته ولا يغتفر ...
ونجد أن الناس قد احتقروه ...فصار حقيرا في وقت كان يظن أنه هو هو..!!

وقيل: لا يتكبر إلا كل وضيع ولا يتواضع إلا كل رفيع ..
وهذه بشارة لكل متكبر ..
فليبشر من نظر إلى الناس باحتقار واستصغار ..
فهو يوم القيامة سوف يحشر مثل الذر ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال , يغشاهم الذل من كل مكان , يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس, تعلوهم نار الأنيار, يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال " رواه الترمذي وصححه الألباني .
فحينها فليصرخ بأعلى صوته ..
أنا فلان ابن فلان.. أنا فلان من بني فلان ..
أنا فلان مركزي كذا ..
فحينها لن ينفعه ابن من كان ..
ولا من بني من كان..
ولا في أي وظيفة كان..
لأن في ذلك اليوم الكل مشغول بنفسه عن الأنام..
فكيف بمن تحت الأقدام..!!
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

[/frame]